Octopath Traveler

Ibrahim فبراير 22, 2023
كلمة
نبذة عن المقال: من تطوير فريق Team Asano من شركة Square Enix حيث صدرت على منصة الـPC و Nintendo Switch وXbox One في تاريخ 13 يوليو 2018
-A A +A

تعاقب الأدوار الكلاسيكية كنز ثمين لم يخسر قيمته بحجّة مضيّ الأجيال وحداثة صناعة ألعاب الفيديو. منجم غنيّ بالتجارب الفريدة بسبب عوالمها الأخاذة، قصصها الخيالية، شخصياتها الفذة، أنظمة لعبها العميقة والإدمانية، وبالتأكيد الإبداع الفنيّ موسيقيًا ورسوميًا. وإحياءً لهذا الإرث العظيم، استحدث الفريق الرائع Team Asano هذا التصنيف بأسلوب معاصر تحت عنوان HD-2D حيث جمع بين عناصر ثنائية أبعاد بكسيلية مع خلفيات وتأثيرات ثلاثية الأبعاد بإضاءة وتوجه فنّي سينمائي مذهل مازجًا حداثة الصناعة مع جوهر الماضي. وكانت نقطة الإنطلاق لهذا التصنيف مع Octopath Traveler، محور حديثي لهذه الهذرة.

القصة والشخصيات

ليس لـOctopath Traveler قصة رئيسية، بل قصص قصيرة مختلفة المنشأ والأحداث. تتميّز اللعبة بأنها تتضمن 8 شخصيات رئيسية، لكلٍّ منهم مساره القصصي الخاص دون أي تقاطع أو تداخل مع الشخصيات الأخرى. مجريات الأحداث سطحية أو عادية في الفصل الأول لمعظم الشخصيات، ولكن سرعان ما تُصبح أكثر إثارةً وتشويقًا مع الفصل الثاني حتى النهاية. لم أكن راضيًا عن المستوى القصصي في البداية، وأنتهى الأمر بي متعلقًا بمعظم الشخصيات.

في بادئ الأمر، أنزعجت كون اللعبة لا تجمع بين الشخصيات الثمانية سويًا إلا بحوارات جانبية بسيطة أثناء التجول بالعالم، لأن تآلف وتوطيد علاقة الشخصيات أهم ميزة بالنسبة لي في صنف تقمّص الأدوار اليابانية. ولكن، أدركت بعد ذلك صعوبة مزج قصصهم نظرًا لاستحالة التقاطع والتعاون بين عديدٍ من الشخصيات دون التأثير سلبًا على جودة ومدة كل رواية على حِدة. ولذلك، ركزت اللعبة على تقديم قصص مختلفة ومتنوعة متميّزة بطريقتها الخاصة مع تلميحات متناثرة في حكاياتهم تعزز من ترابط العالم سويًا.

المسارات الثمانية مختلفة تمامًا في الثيم العام للشخصيات والبيئة المحيطة، الفلسفة والإعتقادات، المنظور نحو العالم. أُعجبت بحماس تحقيق الأحلام صعبة المنال وروح مساعدة الآخرين، وذُهلت بمدى بسالة المحاربين وشغف السعي نحو العِلم. غُصت في أعماق ألم الخيانة والغدر بشكل مؤلم ومثالي، في حين عشت لحظات عائلية دافئة. خَلقت اللعبة قصصًا متنوعة بتجارب مختلفة تمامًا جعلت من كل مسار فريدًا ومليئًا بالمفاجآت. كما أضافت الشخصيات الجانبية والمساندة لكل رواية الكثير لجودة الأحداث، وساهمت الحوارات والجودة الكتابية للغرماء وأبطالنا بتقديم حكايات قصيرة المدّة مشبعة بأساسيات جيّدة جعلت من كل قصة وزنها الخاص. أعجبني تناسب المدّة الزمنية للقصص مع إظهار أهم النقاط الأساسية بفترة وجيزة دون تفرعات غير ضرورية، حيث لم أشعر بملل فيما يتعلق بهذا الجانب. لكل قصة 4 فصول فقط، قصيرة فعلًا، ولكن جودة السرد والتسلسل والكتابة فرضت سيطرتها بشكل رائع.

ما لم يعجبني في الجانب القصصي هو القالب المكرر لهم جميعًا في الغالبية العظمى من الفصول، وهو عبارة عن بداية الفصل بحوارات ومشاهد ثم تتبعها مغارة وزعيم حتى وإن لم تكن ملائمة للأحداث. تمنّيت لو أن هنالك فصولًا بمحتوى مختلف كالفصل الثاني من Olberic، ألغاز بسيطة أو مهام بداخل المدينة أو ألعاب مصغّرة تُبعدني عن الدوامة المكررة. وعلى الرغم من المتعة القصصية بكل فصل ومدّته القصيرة، إلا إنني شعرت أحيانًا بالنفور من اللعبة بسبب هذه المشكلة.

الشخصيات الثمانية بشكل عام أحببتها جميعًا بلا استثناء. قد يكون بعضهم مكررًا من ألعاب يابانية أخرى، ولكن الإتقان في كتابتهم جعل منهم مميّزين عن أشباههم. أعجبتني التساؤلات والأفكار التي تدور في أذهانهم، وكيف للظروف بأن تطوّر من شخصياتهم للأفضل. صراحةً، دائمًا ما أتوقع تصرفات معيّنة في ظروف مألوفة للألعاب اليابانية، ولكن أفعالهم كانت موضع إعجاب والشكر يعود لإبداع الكتّاب والخروج عن قوقعة السيناريوهات اليابانية المستهلكة. مغامرة كلّ فردٍ منهم احتوت على عدد ممتاز من الشخصيات الجانبية والمساندة الجيدة والممتازة، كانت أدوارهم ملموسة مهما كانت قصيرة وبسيطة. لم أتعلق من قبل بقصص شخصيات بهذا القدر خلال مدة زمنية قصيرة، Octopath Traveler مثالٌ يُحتذى به في صناعة قصة قصيرة مؤثرة وممتعة.

أسلوب اللعب

بدايةً مع أسلوب تعاقب الأدوار في القتال، اتّبعت Octopath Traveler النهج التقليدي لهذا التصنيف مع إضافة بعض من مزايا سلسلة Bravely Default من ناحية عمق ومرونة تطوير وتشكيل نمط قتال الشخصيات. لكل فرد وظيفة معيّنة رئيسية، حيث من الممكن أن يُتقن وظيفة أخرى فرعية بكامل أشكال هجماتها وسِماتها (باستثناء الخاصة بالشخصية الأساسية للكلاس، كما سأشرح لاحقًا). التنوع جدًا مُرضِ في الخصائص القتالية، وسوف تتمكن من الحصول على وظائف رائعة جدًا وقوية في المراحل المتقدمة من اللعبة تجعل من المعارك أكثر إدمانًا. 

كل شخصية تتسم بميزة فريدة لن تجدها لدى الآخرين حتى وإن حصلوا على ذات الوظيفة بشكل فرعي، على سبيل المثال، يمكن لشخصية الـApothecary أن يصنع عقاقير قوية المفعول مستعينًا بعدّة علاجات وأعشاب، كصنع علاجًا يستعيد شريط صحة الفريق بالكامل. ومثالًا آخر، شخصية الـHunter تستطيع صيد الوحوش من المواجهات العشوائية لإطلاقها على الأعداء لاحقًا مستعينة بمزياها وقواها المختلفة. هذه الخواص الرائعة جعلت لكل شخصية أهميّتها في القتال وفقًا للمعطيات والخصم، مما جعلت التنويع بإشراك الشخصيات للنزال كذلك ممتعًا ومنطقيًا (يمكنك إشراك 4 شخصيات في القتال الواحد فقط). 

تنويع الهجمات كبير، وذلك وفقًا لمجموعة من العناصر الطبيعية كالرياح والجليد والنار، بالإضافة إلى نوع الأسلحة المستخدمة في الهجمة اليدوية كالسيوف والرماح والأسهم والخناجر. وبذلك، الأعداء بأنواعهم وأشكالهم يمتلكون نقطة ضعف أو أكثر من نوع أسلحة أو عناصر معينة، بحيث تُكسر دفاعاتهم ويُمنعون من الدور القادم بعدما تستهدف تلك النقاط بعدد معيّن من الهجمات. ولهذا استلهمت اللعبة ميزة أخرى من Bravely Default مشابه لفكرة نقاط الـ Brave Points (BP)، حيث تنفّذ ذات الضربة عدة مرات أو بضرر أكبر تحت عنوان Boost، وذلك عبر جمع نقاط تحصل عليها بعد نهاية كل دور شخصية (كلما استعملت نقاطًا أكثر، كلما كنت أشد ضراوة). 

المهارات الخاصة بالشخصيات والوظائف مع التنويع الكبير في الضربات وأنواعها، خلقت تجربة تعاقب أدوار كلاسيكية بطابع مميّز مليء بعشرات الساعات الممتعة والمتنوعة التي تدفعك للتفكير طمعًا لتقديم أفضل مستوى قتالي. كما أن تطوير الوظائف وتضمين الشخصية بأكثر من وظيفة واحدة مع الحصول على العديد من المهارات الخاملة المساعدة يرفع من مستوى المتعة لآفاق أسمى، حيث تزداد الأفكار والخيارات الممكنة لتخلق أطنانًا من الاستراتيجيات.

العالم والمغارات

عالم Octopath Traveler الشاسع مليء بالقرى حيث يُروى في كل قرية فصل أو فصلين من قصص أحد الشخصيات. أحببت جميع القرى بلا استثناء بسبب المستوى الأكثر من ممتاز في خلق بيئة حيوية بنشاطات مختلفة بها جميع الخدمات والمتاجر ضمن نطاق صغير يتناسب مع حجمها القصصي أو الفترة المتوقعة من بقائك فيها. مليئة بالبشر الذين تتفاعل معهم سواء بالقصة الأساسية أو بالمهام الجانبية. وفي معظم الفصول، ستقابل شخصيات جديدة بكل قرية تبني رابطًا عاطفيًا يزيد من تعلّقك بالمنطقة. فبعد إنتهائي من اللعبة وزيارة كل قريّة، شعرت بالحنين مع ومضة سريعة في ذهني بجميع الذكريات السعيدة والحزينة المتعلقة بالمكان.

كل فصل يحتوي على مغارة واحدة، قصيرة وسطحية التصميم، جميعها متطابقة تمامًا مع تغيير في شكل المبنى أو الكهف فقط. منذ دخولك للمغارة وحتى تنتهي، لا توجد عقبات أو أفكار سوى أعداء وزعيم شديد القوّة في نهايتها. وهذا ما جعل من اللعبة منفرة بعض الشيء بعد النصف الأول بجانب مشكلة القالب المكرر لجميع الفصول على الرغم من متعة القصة. ناهيك عن حشو اللعبة بأطنان من المواجهات العشوائية المزعجة للغاية. قد تكون هذه أكبر سلبية في اللعبة، حيث ستجد نفسك أمام سرب من الأعداء كلما خطوت. بالإضافة إلى مشكلة مستوى كل شخصية، ولذلك يتعيّن عليك التفريم كثيرًا جدًا وبشكل منفر ومزعج للغاية حتى تتمكن من مواكبة مستوى المنطقة أو القصة لكل شخصية (وبالتأكيد، للتغلب على ضراوة الزعيم الغير منطقية في كثير من الأوقات).

الاستكشاف مثمر وبسخاء بالمحتوى الأساسي في المغارات والقُرى وأثناء التجول في العالم من ناحية كنوز وعناصر ومكافآت المهام الجانبية البسيطة. وكذلك المغارات الجانبية المصغّرة منتشرة بعدد معقول متضمنةً عددًا جيدًا من الكنوز والعناصر، وقد تواجه في بعضها زعيمًا يحمي صندوقًا ثمينًا. كلما استكشفت واستغرقت وقتًا أطول في البحث، كلما عثرت على جوائز تستحق العناء. ولكن بكل الأحوال، سوف يُصبح الاستكشاف مملًا لاحقًا وذلك يعود للملل الذي يجتاح المغارات، تريد أن تنهي الفصل فحسب دون أن يفوتك شيئًا من القصة.

الأعداء والزعماء

كما ذكرت آنفًا، ستواجه أعداد مهولة من الأعداء. تنويع الفصائل والضربات جيّد، ويختلفون من مغارة لأخرى وكذلك غير متشابهين مع المتناثرين في أرجاء العالم. يُصبحون مكررين بعض الشيء مع إختلافات بسيطة في هجماتهم بالربع الأخير، ولكن يؤدون الغرض من تنويعهم. أعداء المغارات الجانبية أقل جودة بالمقارنة مع الآخرين، والتشابه بينهم كبير. وبشكلٍ عام، مستوى لا بأس به ولكن تمنيّت أعداءً أكثر إبتكارًا مع خصائص مميزة لبعضٍ منهم دون غيرهم.

بالنسبة للزعماء، تحدّي كبير وممتع في أغلب الأوقات وغير عادل أحيانًا. لدى معظمهم (الأساسيين) أساليب مختلفة وجديدة تجعل كلّ واحدٍ منهم مختلفًا عن الآخر، تتطلب تجربة ثم تخطيط وتغيير في الوظائف والشخصيات المستخدمة إن تعيّن عليك ذلك. شعور كبير بالإنجاز فور هزيمتهم، بغض النظر عن المكافأة الضعيفة. ولكن، كان من الممكن تحسين موضوع مستوى (لفل) الزعماء وتقليصه، لأن التفريم وغير العدل قتلا جزء ليس ببسيط من متعة اللعبة.

الجانب الفنّي

أول ما يُلفت الإنتباه في Octopath Traveler التوجه الفني الخيالي. الرسوم ثنائية الأبعاد للشخصيات حيّة وواضحة المشاعر والتفاصيل، والخلفيات والمناظر ثلاثية الأبعاد متناسقة بشكل ديناميكي جميل جدًا وآخاذ. الإضاءة والتباين مع تركيز الكاميرا بطريقة إحترافية نحو الشخصيات أثناء تقليل وضوح الخلفيات كانت السبب الأكبر في نتيجة هذا المظهر الساحر. جميع التصاميم جميلة، أشكال الشخصيات ورسومهم الفنيّة، المناظر الطبيعية بمختلف المناطق، المباني والقُرى، الأعداء وبالأخص الزعماء.

التنويع ممتاز جدًا في تصميم العالم بتنوّع التضاريس وتقديم كل قرية ومنطقة بشكل فريد ومميّز عن الأخرى. هنالك القرى الفقيرة الصحراوية بتفاصيل تُشعرك بحرارة المكان، وكذلك المدن المتحضرة بمبانيها الشاهقة والهندسة المعمارية المتقنة، كما تتضمن اللعبة أحد أجمل المناطق الثلجية على الإطلاق (بالمناسبة، Team Asano دائمًا ما يُبدعون بالمناطق الثلجية)، والكثير غيرها من روائع هذا التصنيف بأبهى حُلّة. وليست القرّى والمُدن وحدها من حصلت على نصيب الجمال، بل جميع أنحاء عالم اللعبة مليئة بالمناظر المُبهرة. وكلما وطأت قدمك أرضًا جديدة بمُختلف التضاريس، ستجد نفسك متأملًا في مدى إبداع هذا الفريق الاستثنائي بتصميم عالم شديد الفتنة. 

الموسيقى التصويرية رائعة، التنويع ممتاز بثيمات مختلفة تتناسب مع المنطقة والقصة والشخصية. كل شخصية تمتلك معزوفةً خاصةً بها، ومعارك كثيرٍ من الزعماء أصبحت أكثر حماسة بسبب ألحانها. كذلك التجوّل في العالم أو القُرى على وجه الخصوص مليء بالمتعة السمعية، حيث تغوص في الأحداث بشكل مثالي (طبعًا قبل أن تدخل مواجهة عشوائية تُخرب اللحظة).


شارك المقال وأمدحني

Ibrahim

الكاتب Ibrahim

قد تُعجبك هذه المشاركات

إرسال تعليق

0 تعليقات

8020110657669519505
https://bremustang.blogspot.com/