Soul Hackers 2

لست متعمقًا في سلسلة Megami Tensei وتفرّعاتها، ولكن دائمًا ما أحرص على تجربة إصداراتهم الجديدة. يُعجبني أسلوب أطلس في تقديم هذه السلسلة من حيث الفلسفة القصصية وأسلوب اللعب وكوكبة الشخصيات والموسيقى الفريدة. وبالنسبة لـSoul Hackers 2، فهي أول تجربة لي في السلسلة الفرعية Devil Summoner حيث سأتحدث في هذه الهذرة من منظور لاعب جديد على السلسلة.

القصة

تدور أحداث القصة في المستقبل القريب حول صراع بين منظّمتين مكوّنة من مستدعي الشياطين (Devil Summoners) حيث يتميّز أعضاؤها بقدرة التحكم بالشياطين واستخدامهم في القتال. هذا النزاع نتج من رغبة كلّ من المنظمتين بالحصول على خمسة مواثيق متوارية داخل بشر مختلفين، حيث يؤدي جمعها جميعًا إلى استدعاء مخلوق خارق القوّة يدعى بـGreat One قادر على إنهاء العالم. وتباعًا لهذه المعضلة، نشأت شخصيّتين من الذكاء الإصطناعي تدعى بـRingo و Figue بهدف وضع حد لنبوءة نهاية البشرية.

فكرة القصة مستهلكة بعض الشيء وشهدت بمثلها الكثير ضمن نطاق ألعاب تقمّص الأدوار اليابانية، ولكن هذا لا يمنع من تقديم أحداث وعناصر قصصية تجعل من هذا الجانب يبدو مشوقًا. امتازت القصة بأحداث لا بأس بها مع غموض مثير للإهتمام في بعض فصول القصة بغض النظر عن التويستات المستهلكة والواضحة. كما أني أُعجبت بشبه غياب التمطيط مع سرعة منطقية لتشكيل البارتي، حيث كان جل تركيز الأحداث على أساس القصة معظم الوقت دون تفرّعات غير ضرورية. ونتج عن ذلك تجربة تقمّص أدوار بعمر مناسب لمحتوى وحجم وإمكانيات اللعبة بشكل ممتاز ومتناسق.

الشخصيات

أكثر ما يميّز Soul Hackers 2 بطلة قصّتها Ringo، أحد شخصيتيّ الذكاء الإصطناعي التي ذكرتها في بداية حديثي. ولذلك يعود لامتلاكها شخصيّة وكيان خاصّة بها وتتحدث وتشارك في الحوارات مع الشخصيات حيث كان لها دور ملموس على القصة، على خلاف الكثير من ألعاب ذات التصنيف. بالإضافة إلى أنها أول شخصية بطل ناطقة في السلسلة، وأتمنى أن تستمر أطلس على هذا النهج في إصداراتهم المستقبلية.

يتضمن البارتي في Soul Hackers 2 على 3 شخصيات بجانب Ringo، لكل واحدٍ منهم ماضٍ مختلف عن الآخر حيث كانوا ضمن منظمات وجِهات مختلفة. أعجبني التضاد في خلفيّة قصّة كل شخصية منهم، وهذا ما جعل من بداية لقائهم غير متجانسة حيث أصبحوا مع الوقت والأحداث أكثر تآلفًا. وبالنسبة لشخصيات كلّ واحدٍ منهم، لم تكن مميّزة بالقدر الذي تهتم لأمرهم أو تتذكرهم بعد إنتهاءك من اللعبة، بل شخصيات أدت الغرض من تواجدها في القصة بأدوار ممتعة لم تؤثر سلبًا ولا إيجابًا على اللعبة.

بالنسبة إلى توطيد علاقتك مع الشخصيات، فنظامها في Soul Hackers 2 عبر الذهاب للحانة والتحدث معهم بعد بلوغهم حدث معيّن او مستوى معيّن من علاقتكم. بالإضافة إلى اختيار بعض الخيارات من خلال مجريات القصة. ويؤدي زيادة مستوى علاقتكم إلى فتح طوابق جديدة ضمن المحتوى الجانبي لكل واحدٍ منهم (سأتحدث عن ذلك لاحقًا). ولكن، لم أكن مهتمًا لعلاقتهم وشخصيّاتهم كثيرًا، نظرًا لبلادة الفعاليات المصممة للتوطيد.

أسلوب اللعب

كباقي اصدارات تبادل الأدوار من سلسلة Megami Tensei، تعتمد Soul Hackers 2 في القتال على مجموعة ضخمة جدًا من الشياطين حيث يتميّز كلّ واحدٍ منهم على نقاط ضعف وقوّة من العناصر الطبيعية. ويمكن لكل مستدعي شياطين ضمن فريقك بالتحكم بأحدهم أثناء القتال، وتستطيع التبديل بين الشياطين خارج القتال كيفما شئت ووقتما أردت (يمكنك التغيير داخل القتال مع التطويرات بعد التقدم باللعبة).

مجموعة الشياطين الخيالية التي يمكنك الحصول عليها ودمجها لتكوين شياطين جديدة أكثر ما يميّز السلسلة. تنويع ضخم في القدرات والضربات، تصاميم رائعة وإبداعية لمظهر الشياطين، خيارات لا نهائية في تشكيل الشيطان وفريقك من حيث القدرات والمزايا. وهذا الأمر يجعل من مواجهة الأعداء بشكل عام والزعماء على وجه الخصوص ممتعًا للغاية، بسبب التجهيزات المسبقة ودراسة نقاط قوة وضعف كل عدو قد تواجهه لتكون لك اليد العليا في النزال.

الهجوم على نقاط ضعف الأعداء ليس فقط لتنفيذ ضررًا أعلى فحسب، بل تُضاف هذه الضربات إلى عداد الـSabath حيث تتراكم في نهاية الدور لشن هجوم قويّ. كلما كان عداد الـSabath أعلى، كلما كان الضرر أكثر شراسة. وهذه الخاصة تلعب دورًا مهمًا في القتال كأنها مكافأة أو جائزة لبراعة تخطيطك في الهجوم، مما تجعل من اللعب أكثر متعة.

صعوبة اللعبة أحد أكثر النقاط التي أعجبتني في Soul Hackers 2 نظرًا لكونها من سلسلة تتسم بالصعوبة العالية، حيث وجدتها ملائمة وبشكل ممتاز بتحدي رائع يتطلب منك ذهن يقظ وقراءة معطيات القتال، وليس متساهلًا أو صعبًا بطريقة غير عادلة على خلاف كثيرٍ من عناوين السلسلة السابقة. وهذه النقطة بالتحديد لم تجعلني اضطر إلى التفريم (باستثناء الزعيم الأخير)، مما جعلت من اللعب أكثر راحة للاستمتاع.

قبل أن أنهي هذه الفقرة، أود أن أعبر عن مدى سوء الجانب التعليمي للعبة. لا أتذكر كيف كانت بعناوين السلسلة السابقة، ولكن التعليمات في Soul Hackers 2 غاية في السوء حيث يشرحون لك كل صغيرة وكبيرة أتفه الأمور وأبسطها. وهذا بالتحديد أكثر ما يزعجني في بداية ألعاب كثيرة، وكذلك، نفرني من Soul Hackers 2 بعدما أقتنيتها. 

عالم اللعبة والمغارات

مناطق اللعبة مفعمة بالحياة والألوان، وتتميّز بتنوّع مظهرها على الرغم من قلة المناطق والمغارات. أكثر ما يجعلك تتجول في أرجاء عالم اللعبة هو التبضع والتطوير والتجهيز للقتال والذهاب للمغارات من حيث المحتوى الرئيسي. وفرة الخدمات من حيث التطويرات والمتاجر والمستلزمات التي تحتاجها للتقدم وبالتناغم مع جمال المناطق ومظهرها جعل من التجوال أكثر متعة. فكما غاب التمطيط عن القصة، غابت كذلك المساحات الغير ضرورية في عالم اللعبة.

وبالنسبة للمغارات، فهي تتبع نظام Dungeon crawl الكلاسيكي الذي أكرهه شخصيًا، حيث يكون لتصميم المغارة طابع واحد متشابه مع مساحات شاسعة دون محتويات تُذكر سوى الفخاخ والعقبات، والتي بدورها كانت كذلك تحمل أفكار عادية أو سخيفة. ولكن، الجميل من هذا الجانب بأن لـRingo خصائص تساعدك داخل المغارات حيث تستهلك نقاط MP لتفعيلها، على سبيل المثال زيادة في سرعة الحركة لفترة وجيزة، عدم ظهور أعداء بمستويات منخفضة، الخروج من المغارة مباشرة والعودة لخريطة العالم، وغيرها الكثير. ولكن مع ذلك، أرى بأن اللعبة حرمت اللاعبين من واحدة من أهم الأساسيات ألا وهي الركض وجعلها تطويرة تحصل عليها من محتوى جانبي، حيث كانت نقطة مزعجة جدًا.

أثناء تجولك، أو بالأصح زحفك في المغارة، سوف تقابل في طريقك الشياطين التي بحوزتك بحيث يتجولون للبحث عن العناصر والمال أو حتى جلب أحد الشياطين للتعاقد معه وتضمه إليك. ولكن، مالم يعجبني من هذا الجانب بأنها الطريقة الوحيدة لضم الشياطين إليك، حيث يطلبون منك مقابلًا في الغالب للإنضمام، وغالبًا ما تكون طلباتهم مزعجة كأخذ نسبة كبيرة من شريط صحتك أو أخذ عناصر قيّمة وغيرها. كانت تعجبني طريقة التعاقد في ألعاب السلسلة الأخرى، حيث يكون ذلك بالتفاوض والتحدث إليهم بدلًا من طلب مقابل فقط. 

المحتوى الجانبي

هنالك مهام منتشرة في جميع أرجاء العالم يمكنك الحصول عليها وتنفيذها، ومعظمها مبتذلة و Fetch Quest سيئة فحسب. كما توجد 3 مناطق تدعى بالـSoul Matrix وهي مغارات تعبّر عن حياة أو ماضي كل شخصية من الشخصيات في البارتي، وذلك للتعمق أكثر في شخصياتهم. أعجبتني الفكرة منها واستثناؤها من القصة الرئيسية، حيث تجعل من هذا المحتوى أكثر أهمية خصوصًا للذين يريدون معرفة المزيد عن الشخصيات. بالإضافة إلى أنها تكافئ اللاعب بسخاء حيث تُعطي الشخصيات قدرات مميزة ورائعة تفيد اللاعب في التقدم بشكل ممتاز. ولكن للأسف، تصميم المغارات في غاية السوء والتكرار وعقبات متشابهة حيث يغلبها طابع وتصميم واحد ممل بخلفيات أشبه بتلك الغرف المخصصة بحبس المجانين.

الجانب الفنّي

عالم اللعبة جميل المظهر ومفعم بالحياة، أسلوب الرسم رائع خلط بين طابع السايبربنك والأنمي بشكل بسيط ومريح للعين. تصميم القوائم والإنتقالات في الشاشة جميلة، رسوم أوجه الشخصيات أثناء التحدث (الأفتار) حيوية ومتفاعلة مع الحوارات بشكل ممتاز من حيث التعابير وردات الفعل. التقديم السينمائي بكل أشكاله رائع ويُعطي شعور ممتع للمشاهدة مع دقة رسومية يُشاد بها. تصميم العالم كما ذكرت سابقًا مفعم بالحيوية ومنعش أثناء اللعب، ولكن لم يكن للمغارات مستوى مشابه حيث كان أقل من المتوقع بمظهر ممل وبليد لمعظمهم.

وقف خلف الموسيقى التصويرية الفريق الرائع MONACA، بقيادة المبدع Keiichi Okabe. ألحان جميلة مع ألبوم قليل التنويع للأسف ولكن تضمّن مقطوعات جيّدة. بعض المقطوعات سوف تتكرر ويتم استعمالها لأكثر من موضع، ولكن بشكلٍ عام كانت بمستوى راقٍ وملائم لطابع اللعبة وتوجهها الفنّي.