لم أقم بتجربة الكثير من الألعاب الاستراتيجية، ولكن لطالما كنت مفتونًا بلعبة Tactics Ogre: Let Us Cling Together بما قدمته من تجربة مثالية سحرتني بمدى الإبداع الفريد الذي تميّزت به. ولن أنسى الرائعة Fire Emblem: Three Houses التي جعلتني معجبًا كبيرًا بهذا التصنيف، ودفعت فضولي للعودة للأجزاء السابقة والتعمّق أكثر في هذه النوعية من الألعاب. والآن، وبشكلٍ مفاجئ، صدرت لعبة Symphony of War: The Nephilim Saga على منصة الحاسب الشخصي متبعةً نهج سلسلتيّ Ogre Battle و Fire Emblem باستلهام موفّق نتج عن ذلك أحد أبرز مفاجآت هذا العام.
القصة
تقع أحداث اللعبة في أراضي Tahnra التي عانت وتآكلت من الحروب الدامية والمعارك الطاحنة على مر السنين والعصور بسبب غطرسة وطمع قادة يطمحون بالحكم والسيادة. ومن هذا المُنطلق، تظهر شخصيتك الشابة حيث تدخل ساحة المعركة من أوسع أبوابها لتكسر الحلقة الملطخة بدماء الأبرياء.
إن تحدثت بشكلٍ عام، فالقصة أدت الغرض منها بمستوى لا يجعلها مملة. واستطيع الشعور بالكتّاب من خلال مجريات القصة وهم يحاولون جاهدين القيام بتغيّرات غير متوقعة في القصة، ولكن محاولاتهم المتواضعة لم تصب في صالح منطقية الأحداث ببعض المناسبات، وهنالك الكثير من اللحظات المستعجلة والممططة كذلك.
هنالك الكثير من الشخصيات، ولكلٍ منهم ماضٍ وخلفية قصصية ترسم أهدافًا معيّنة يطمحون لها من خلال المشاركة بالحرب. ولكن، تضمّنت اللعبة مجموعة شخصيات ليست بالمثيرة للإهتمام مع حوارات ضعيفة تجمع بينهم، فهم من تلك الشخصيات التي تجد نفسك غير متعلقًا بهم حتى بعد الإنتهاء من اللعبة وقضاء أكثر من 30 ساعة لعب.
أسلوب اللعب
عنصر اللعب في Symphony of War: The Nephilim Saga جعلني أحنّ للتجربتين العظيمتين التي ذكرتهما في المقدمة، فقد جمعت بينهما بطريقة رائعة في اللعب. يجب عليك تعيين قائد لمجموعة (أو يكون أحد شخصيات القصة)، وتلك المجموعة تتكون من أكثر من جندي أو محارب. يمكنك تشكيل المجموعة كيفما تشاء على حسب مستوى شخصية القائد حيث هو من يحدد عدد التابعين له. وتختلف الخصائص والكلاسات لكل جندي فهنالك تنويع جيّد بينهم من حيث المزايا والقوّة والفوائد، كالمقاتلين بالسيوف والأسلحة النارية والسحرة والمعالجين وممتطي الأحصنة وإلخ. ويتعيّن عليك الإنتباه إلى كيفية تمركز كل واحدٍ منهم سواء كان ذلك في الصفوف الأولى أو غيرها، مما يساعدك في ترتيب أولويّاتك من حيث من يتلقّى الضرر أولًا ومن يدافع عن الآخر بحسب آلية هجوم خصمك.
كل حديثي السابق يصف ترتيب مجموعة واحدة فقط، ويمكنك إشراك العديد من المجموعات في المعركة حتى عشرين مجموعة. وبالتأكيد سمات قائد المجموعة تنعكس على بقيّة الأفراد كممتطي الأحصنة الذين يمكنك التقدم بخطوات أكثر من الباقين أثناء المعركة. وبشكلٍ عام، التنويع كبير في خياراتك وترتيباتك للجنود، ويمكنهم الإرتقاء ليصبحوا أقوى وبكلاسات أكثر ضراوة وتأثيرًا مع زيادة مستوياتهم. المعارك ممتعة جدًا وإعتمادها الكبير على التخطيط وتجهيز الكتائب جعل من أسلوب اللعب فريدًا. فحريّة تشكيل الجنود ونوعيّتهم مع الإهتمام بتمركز كلّ واحدٍ منهم بحسب القوّة الدفاعية والهجومية والمزايا الأخرى، كان سببًا لخلق تجربة استراتيجية ممتازة.
أهداف المعارك تختلف من فصل لآخر، ولكن معظمها تنتهي فور الاستيلاء على مقر الخصم. يبدأ القتال بين مجموعتين عندما يتلاحمون وجهًا لوجه في أرض المعركة، حيث يكون القتال بينهم اوتوماتيكيًا بمهاجمة الجنود بعضهم آليًا على جولتين دون تدخل منك (دورك هنا فقط في تحريكهم وتمركزهم). وتتميّز بعض الكلاسات بقابلية الهجوم من مدى أبعد دون الإقتراب كحاملي الأسهم والمدافع. بالإضافة إلى أفضلية القتال من مكان مرتفع حيث لا يستطيع حاملي السيوف الهجوم من الأسفل. ولهذا، التضاريس وتصميم المراحل مهم جدًا في المعركة حيث كان التنويع بين الفصول ملائمًا بشكل غير ممل، مع بعض الصعوبات والتحديّات في المراحل المتقدمة.
هنالك الكثير من خيارات التخصيص وشجرة تطوير تخص الجيش كاملًا. وكذلك المتجر القابل للتحديث بعد كل فصل حيث يمكنك الشراء من خلاله جنود وأدوات وعناصر. ويمكنك جمع الموارد المطلوبة للتطوير وتغيير كلاسات الجنود وغيرها من خلال المعارك والاستيلاء على ممتلكات الخصم. كما سوف تحصل على ميكانيكيات مميزة في وقت معين من اللعبة تضيف الكثير من المتعة للعب.
مشكلتي الوحيدة في هذا الجانب قلّة تنويع الأعداء، فهم بالضبط ذات الجنود الذين يمكنني تجنيدهم واللعب بهم طوال اللعبة. فقد شعرت في منتصف القصة بأنني وصلت لقمّة اللعبة من حيث أسلوب اللعب، وأصبح القتال سهلًا للقراءة (بطريقة سلبية) ومعرفة من تهاجم ومن تخشى بسبب تجاربك السابقة. أردت أن أواجه أعداء مختلفين عن الجنود الذين امتلكهم، خصوصًا عند مواجهة شخصيات غرماء من القصة حيث للأسف كانت معاركهم عادية وكأنني أواجه عدو عادي.
الجانب الفنّي
رسوم اللعبة البكسيلية فائقة الروعة، فقد قمت بإلتقاط العديد والعديد من المشاهد التي تضمّنت مناظر طبيعية ومناطق ومباني عمرانية رائعة. كما أن مظهر الخريطة أثناء المعارك كان لا بأس به مع رسوم جيّدة للشخصيات (وسط القتال). ولكن، يؤسفني بأن أسلوب رسم الشخصيات (الوجوه التي تظهر أثناء الحوار) غير ملائم أبدًا للعبة ونمط رسمها، وكانت أشكالهم مصدر إزعاج بصري طوال اللعبة. وبالنسبة للجانب السمعي، فقد كانت الموسيقى التصويرية ملائمة مع الأحداث وممتعة للاستماع في بعض اللحظات.
0 تعليقات