أكثر الألعاب المنتظرة بالنسبة لي أصبحت واقعٌ نعيشه، وأيّ واقعٍ هذا الأشبه بالخيال. كيف لا أعدّ الليالي والأيام بشغف حتى تحين لحظة الإطلاق بعدما قدّم لنا الاستديو المذهل FromSoftware عناوين متفانية في الإبداع والروعة، حيث لا أعتقد بأن يومًا من الأيام قد تخلو قائمتي لأفضل الألعاب من أحد التحف الفنيّة العظيمة لهذا الفريق الإعجازي.
القصة
الأسلوب المُعتاد للاستديو في طريقة سرد فكرة قِصصه كانت ولا زالت بصمة تميّز عناوينهم عن جميع التجارب الأخرى في هذا المجال، حيث تصبّ في مصلحة تأسيس خلفية قويّة للعالم والشخصيات بدورها تجعل من القصة أكثر جاذبية. ولكن، المشكلة تكمن بأنه لم تكن للقصص الرئيسية بحد ذاتها دورًا كبيرًا في عشقي لعناوين FromSoftware، بل كان ما يجذبني من هذا الجانب هو لور وصلابة فكرة العالم والشخصيات التي بُنيت عليها جميع قصص هذه الألعاب. حيث يتلاشى الإهتمام مع التقدّم باللعبة نظرًا لشبه غياب ما يعلّقني بالقصة من ناحية مجريات أحداث مواكبة لما يحصل أثناء اللعب.
بعدما قدّمت Sekiro سرد واضح مع تأثير أكبر للقصة (بغض النظر عن مستواها) بالإضافة إلى الحفاظ على الأسلوب المعتاد لتفاصيل العالم والشخصيات، وجدت بأن هذا الأسلوب هو الأنسب حيث يخدم كلًا من مجريات الأحداث وصلابة خلفية القصة. وعلى الرغم من أن Sekiro لم تتميّز بذات العمق والفلسفة المذهلة لـBloodborne و Dark Souls، إلا أن قصّتها كانت تحمل تأثيرًا ملموسًا أكثر من سابقاتها على التجربة بشكلٍ عام.
ولذلك، تمنيّت لو أن Elden Ring سارت على ذات النهج الذي اتبعته Sekiro وخصوصًا بعد الاستعانة بالكاتب المعروف جرجرمارتن. لن أنكر بأن الأسلوب المعتاد خدم Elden Ring كثيرًا وأضاف لمسات وتفاصيل ممتازة "للعالم وخلفيته" حيث ساهمت في زيادة حب الاستكشاف ودفع الفضول لتتوافق مع تصنيف اللعبة، العالم المفتوح. بالإضافة إلى أن التقصي عن المعلومات والتفاصيل أصبح أبسط من Dark Souls و Bloodborne. ولكن، لا زلت أرى بأن السرد الواضح للقصة الأساسية متخلخلةً بمجريات أحداث مثيرة تجعلني متطلعًا لما قد يحصل لاحقًا بالإضافة إلى الحفاظ على أسلوب الاستديو لتفاصيل العالم وخلفيّته هو الخيار الأفضل لتقديم عالم ولور صلب برفقة قصة مؤثرة على التجربة. لا أعني بأن قصة Elden Ring سيئة، بل لم تلعب دورًا في تعلّقي باللعبة. بالإضافة إلى أن الاستديو كان بصدد تقديم تجربة قصصيّة أفضل، ولكن، للأسف، اتخذوا خطوة للوراء.
لم ألاحظ تأثير ملموس لجرجرمارتن على فكرة Elden Ring التي لا تختلف عن أفكار ميازاكي المعتادة والمستهلكة. قصصيًا Elden Ring نسخة من Dark Souls III حيث تشابهت معها في معظم ملامحها وفكرتها مع اختلاف في التفاصيل. وهذا ما جعلني مستغربًا بسبب تشابه فكرة اللعبتين على الرغم من الاستعانة بالكاتب جرجرمارتن، وعلى ما يبدو بأن وجوده من الأساس لم يكن إلا لغرض تسويقي بحت.
أكرر، لا أقصد بأنها سيئة، بل كانت رائعة كالعادة في "فكرتها". حملت Elden Ring ذات السحر في لور الألعاب السابقة، حيث يقف خلف هذا العالم الفاتن أساس صلب. الفكرة الرائعة للأراضي الوسُطى وفلسفة أنصاف الآلهة والإرادة العظمى مثيرة للإهتمام ومكتوبة بعناية جعلتني متعطّشًا للمزيد من المعلومات المدوّنة والمُتناثرة في أرجاء العالم. وتتضمّن كل منطقة متهالكة ومزدهرة بالإضافة إلى الشخصيات التي قابلتها معنى كبير مع ترابط مُدهش بينهم.
كما حافظت اللعبة على قوّة الحوارات وروعة المحادثات، لا زلت أجد جاذبية فريدة في الاستماع للشخصيات وهي تتحدث مع انتقاء رائع للكلمات بصحبة أداء صوتي لا يُعلى عليه. يمكنك استشعار الضغينة القابعة في قلوب الشخصيات، والتعاسة المسيطرة على أرواحهم من خلال أصواتهم المثالية. وبالحديث عن الشخصيات، يستمر الاستديو بصناعة شخصيات مثيرة للإهتمام بكاريزما لا مثيل لها تجعل من كلّ واحدٍ منهم مميزًا. ابتداءً من الشخصيات الغير قابلة للعب التي تقابلهم في طريقك، وحتى الزعماء وأنصاف الآلهة الذين تواجههم.
دائمًا ما يبدع الاستديو في تقديم مشاهد سينمائية رائعة للغاية، وذلك يتضح جليًا في المشاهد الإفتتاحية أو أثناء تقديم الزعماء. Elden Ring استمرّت على ذات المستوى الرائع بلقطات ممتازة وأداء صوتي استثنائي، ولكن، بكميّة قليلة ومدّة قصيرة مثل سابقاتها. المشاهد المصاحبة لمواجهة الزعماء لن أكفّ عن مدح روعتها وكيفيّة تقديمهم للمعركة برفقة مشاهد أخرى أثناء القتال. ولا أعتقد بأنني استطيع عد كم من المرات التي قمت فيها بإعادة المشهد الإفتتاحي الذي تميّز بصور فنيّة جميلة مع أداء الراوي المذهل حيث يتلاعب بنبرات صوته بطريقة إحترافية تثير اللاعب منذ الوهلة الأولى في اللعبة. وهذه بعض من الأسباب التي جعلتني أتمنّى إهتمام قصصي أكبر من ذلك، مع تقديم مشاهد متعلقة بالقصة دون الإكتفاء فقط بالزعماء.
أسلوب اللعب
في جميع عناوين الاستديو بلا استثناء، يكون لأسلوب اللعب نصيب كبير من المتعة الفريدة. وبالنسبة لـElden Ring، فهي عبارة عن نسخة مطوّرة ومصقولة من Dark Souls III. لأول مرة تُصبح للكلاسات في بداية اللعبة قيمة طويلة الأمد، وليست مجرّد إختلاف في توزيع مستوى خصائص الشخصية لفترة زمنية بسيطة. طرق اللعب وبناء أسلوب لعبك الخاص أصبحت أكثر تنويعًا وبشكل محيّر، جميعها ممتعة دون اسثتناء ولكل أسلوب مميّزاته الرائعة. تشكيلة كبيرة جدًا وضخمة من التعويذات والضربات السحرية الممتعة في اللعب والجميلة في المظهر برفقة أسلحة قريبة المدى تخدم هذا الأسلوب من اللعب بشكل متوازن ومدروس. بالإضافة إلى أنواع متعدّدة من الأسلحة قريبة المدى بمختلف التصنيفات والخصائص مع تدشين مجموعة كبيرة من الأسلحة الجديدة. وبالنسبة للأسلحة، أعجبتني ندرتها ومحدوديّة الأسلحة المتشابهة في ضرباتها ومميّزاتها، على خلاف Dark Souls التي كانت تقدّم مجموعة كبيرة من الأسلحة المختلفة في المظهر فقط.
وبالنسبة لتطوير الأسلحة، فهي مشكلة غريبة ومزعجة لم أجد لها تبريرًا. مثل Dark Souls، هنالك أكثر من نوع واحد لأحجار التطوير، وهنا يوجد اثنان. واحدٌ منهم للأسلحة العادية حيث تقع المشكلة، لأن السلاح الواحد سوف يتطلب عدد هائل من الأحجار والرونز (عملة اللعبة) حتى يصل إلى المستوى الأخير 25+. على خلاف الأسلحة النادرة أو المميزة، حيث يُطلب منك قطعة واحدة فقط في كل مستوى من حجر معيّن حتى تصل إلى المستوى الأخير 10+. هذه المشكلة جعلتني مترددًا قبل تغيير أي سلاح عادي قمت بتطويره، مما أدّى إلى قلّة تنويعي بين الأسلحة العادية في التختيمة الأولى أو على الأقل قبل أن أصل للمراحل الأخيرة من اللعبة.
قدّمت Elden Ring مميّزات عديدة لأسلوب اللعب والقتال بدورها جعلت من القتال أكثر إدمانًا وتنويعًا بشكل كبير. بدايةً مع الـAsh of War الرائعة والتي تغيّر من مهارة السلاح والعنصر المصاحب للضربات كالجليد والنار، حيث تستطيع تغيير أسلوب لعبك بسلاح معيّن بأكثر من طريقة قتالية دون الحاجة لتغيير السلاح بأكمله. كما أعجبتني كذلك ميزة جديدة تتيح لك استدعاء أحد المخلوقات التي قد واجهتها من خلال رحلتك أو حتى استدعاء نسخة منك لتقاتل بجانبك، ويتميّز كل استدعاء على قدرات مختلفة وأساليب متنوّعة في القتال. وكيف لا أذكر عودة واحدة من أجمل الميكانيكيات في لعبة Dark Souls II التي تتيح لك حمل سلاحين من نفس العائلة في كلتا اليدين لتنفيذ ضربات خارقة القوّة. والأهم من ذلك كلّه في الإضافات، تستطيع الآن القفز!
ولكونها لعبة عالم مفتوح، التنقّل بين أرجاء العالم يشغل حيّز ليس ببسيط من فترات اللعب. ولذلك، يرافقنا في رحلتنا بالأراضي الوُسطى حصان يستطيع القفز مرتين! أعتقد بأن جميعنا يعاني في معظم ألعاب العالم المفتوح من سوء التحكم بالأحصنة، أو حتى سوء تصميمه وصعوبة العثور عليه واستدعائه، ولنا أمثلة كثيرة على ذلك. ولكن، رفيقك في Elden Ring أحد أكثر الأحصنة سهولة وسلاسة في الاستخدام، يمكنك القتال من فوقه، استدعاؤه بسهولة حتى في خضم القتال (بشرط أن لا تكون داخل مغارة أو قلعة)، وحتى تستطيع إلتقاط العناصر المتناثرة في الأرض أثناء امتطائه (وأفهم يا فهيم). ولكن، مشكلته الوحيدة هي بأنك لن تستطيع استخدامه أثناء اللعب مع لاعبين آخرين.
بالإضافة إلى أن Elden Ring قدّمت خيار التصنيع، حيث يمكنك جمع الكثير من الموارد المتناثرة في أرجاء العالم وعبر صيد الحيوانات وإلى آخره، لاستعمالها في إنتاج العديد من العناصر المفيدة والأسهم. وفي البداية، لن تتمكن من إنتاج الكثير من العناصر، وذلك لقلّة خبرتك، حيث يتعيّن عليك أثناء التقدّم والاستكشاف جمع مجموعة وصفات تتعلمها لكي تزيد من الخيارات المتاحة أمامك لصنعها. هذه الميزة الجميلة أفادت بشكل كبير جدًا من حيث صناعة العقاقير المضادة للتأثيرات السلبية حسب الحاجة وفي أي وقت، بالإضافة إلى تصنيع الأسهم على حسب رغبتك دون الحاجة للبحث عنها وشرائها من بائعين مختلفين، والأهم من ذلك، يمكنك تصنيع العنصر الذي يتيح لك اللعب عبر الشبكة بشكل وفير دون قلق من إنتهائه.
العالم المفتوح
كلمة "عالم مفتوح" لم تصبح مثيرةً للإهتمام كما كانت عليه قبل عدّة أجيال، وضخامة خريطتك المرصّعة بالأيقونات والنشاطات لم تصبح ميزة تجذب اللاعبين. فهذا التصنيف دخل في دوّامة التكرار والنسخ لتنتج منه عناوين عديدة تسير على ذات القالب الممل والمستهلك. عجزت أن أجد أي متعة في العوالم المفتوحة من بعد Zelda: Breath of the Wild حتى فُتنت بلعبة Ghost of Tsushima، التجربتين الوحيدتين اللتان عشت معهما مغامرة مختلفة في هذا التصنيف منذ فترة طويلة لما قدمتاه من أفكار مميّزة بجودة رائعة.
والآن، ارتقت Elden Ring لتصعد في قمّة العوالم المفتوحة لتجعل من هذا التصنيف مفهوم جديد يُحتذى به. لا أدري كيف سوف استطيع الرجوع خطوةً للوراء مع أي لعبة عالم مفتوح مستقبلية تسير على القالب التقليدي، فقد أصبح الآن على هذا التصنيف أن يقدّم تجارب مختلفة حتى تُرضي شريحة ليست ببسيطة من اللاعبين الذين انبهروا بمستوى العالم العظيم لـElden Ring.
تبدأ رحلتك ضائعًا في منطقة كبيرة وواسعة بها الكثير من الطرق المتشعّبة دون أي أيقونات على خريطتك. لن تعرف أين تذهب، ولن تعرف إن كان الطريق الذي تسلكه صحيحًا أم يؤدي إلى منطقة تفوقها ضخامة. وفي كل منطقة وجزئية، دائمًا ما تجد فيها ما يجذبك أو يثير إنتباهك. سواء كان ذلك من مغارات، زعماء، مجموعة أعداء، قرية، خرابة، وإلى آخره. غالبًا ما يكون الاستكشاف مرضيًا من ناحية الجوائز، وذلك سبب إدمانًا أكبر وزيادة عن المتعة، مما جعلني أفحص كل منطقة بالكامل نظرًا للدوافع الممتعة والمجزية التي قدّمتها لي اللعبة. لم أشعر بأنني أريد الإنتهاء من اللعبة أو القصة، بل أريد المماطلة والضياع أكثر واستكشاف كل صغيرة وكبيرة في الأراضي الوُسطى.
التصميم العملي العام للعالم كان مبهرًا، وكيف لا يبدع استديو يقدّم عوالم لا تُنسى بسبب مثاليّتها. ترابط جيّد للمناطق سويًا مع توزيع ممتاز للمحتوى الجانبي في أرجاء كل جزئية بحيث لم أشعر بفراغ يسود منطقة معيّنة. بالإضافة إلى تواجد ما يلفت الإنتباه على الدوام ليسحبني نحوه دون تردد. النشاطات المتناثرة في أرجاء العالم كانت مدهشة في المناطق الأولى، تنوّع رائع ومفاجآت غير متوقعة ساهمت في زيادة دفع الفضول لاستكشاف المزيد والمزيد عن ما يخفيه هذا العالم.
لن أنكر بأن بعد عشرات الساعات، يُصبح المحتوى أقلّ جاذبية بسبب تكرار أفكار المغارات وإعادة استخدام الزعماء لأكثر من مرة وبشكل مفرط في بعض الأوقات. ولكن، لم تكن هذه مشكلةً كبيرة بنظري ولم يكن التكرار مزعجًا لدرجةٍ سلبية، فقد كنت منغمسًا في هذا العالم بسبب جودته الرائعة التي لم تتأثّر من تكرار فكرة مغاراتها.
وعلى الرغم من ذلك، كانت لتكون تجربة أفضل وأكثر مثالية لو أنهم استمرّوا بتقديم المزيد من الأفكار في المغارات بعيدًا عن فكرة وضع زعيم في نهاية المغارة، وهذا أحد الأسباب التي جعلت من اللعبة تتضمن مجموعة ضخمة من الزعماء التافهين والمكررين (سأتحدث عن الزعماء لاحقًا). حيث كان من الممكن تقديم مغارات تتميّز بألغاز أو مراحل منصات وتخطّي عقبات أو غيرها من الأفكار خارج القالب الموحّد لجميع المغارات.
القلاع بدورها تتضمن المحتوى الرئيسي في اللعبة حيث تواجه أنصاف الآلهة والزعماء الأساسيين. تصاميمها غاية في الروعة وتتسم بشعور مختلف من المتعة عن بقيّة نشاطات العالم حيث تشعر فعلًا بأنك الآن في خضم اختصاص الاستديو. توزيع وتنوّع الأعداء داخلها مع العديد من المفاجآت والمحتوى الرائع داخل الحصون ينتهي بمواجهة زعماء ممتازة في الغالب، والتنقّل بين الأزقّة دون حصانك مع الشعور بالخوف على الرونز التي جمعتها (عملة اللعبة) بالإضافة إلى التفكير مليًا قبل دخول أيّ باب. مخاوف ومشاعر ليس لها مثيل عادت مجددًا بعدما عشتها مسبقًا مع سلسلة Dark Souls و Bloodborne.
أفكار عديدة أعجبتني قدّمتها Elden Ring لتوافق بين لعبة سولز وتصنيف العالم المفتوح، منها فكرة استعادة عدد من الـFlask of Crimson Tears (العنصر المستخدم للعلاج) بعض هزيمة مجموعة أعداء أو القضاء على زعيم جانبي أو قتل مخلوق مخصص فقط لتعبئة علاجاتك. بالإضافة إلى سهولة التنقل بين الـGrace (البونفاير) من خلال الخريطة فقط دون الحاجة للجلوس على أحدها. وبمناسبة الحديث عن الـGrace، فعددها ضخم للغاية في عالم اللعبة بمسافة قريبة بين الواحدة والأخرى، وهذا ما سهّل أيضًا الإنتقال لنقاط معيّنة في الخريطة. ولكن، داخل القلاع تكون أقلّ عددًا حيث تعتمد حينها على الاختصارات كألعاب الاستديو السابقة.
الأعداء
توزيع الأعداء ممتاز في أرجاء الأراضي الوُسطى، حيث يمكنك ملاحظة تمركزهم بشكل مرتّب في العالم والمناطق دون تكدّس غير مدروس أو شُحّ يجعل بعضًا من الجزئيات مملة. كما أن الأعداء تميّزوا بشكلٍ عام بتنويع رائع جدًا لأصنافهم وأساليبهم القتالية ابتداءً من أول لحظة وحتى النهاية. وتتضح قوّة هذه النقطة بشكل أفضل داخل القلاع مع دهاء وخبث في التوزيع ليختبر اللاعب بشكل ذكي، أحد الأمثلة عندما تجد نوعين من الأعداء في مكان واحد بحيث يكون أحدهما مخصص بأسلوب قتال بعيد المدى أثناء مهاجمة الآخر المتخصص بالقتال القريب. وهنا يأتي دورنا بكيفية التعامل والاستدراج مع الكثير من المواقف والمواجهات. على العموم، أود شتم جميع الصقور والكلاب في اللعبة، ولكن، لأنكم أشخاص محترمين لن أفعل ذلك أمامكم.
الزعماء
لدي الكثير لأتحدث عنه، ولكن أولًا، مشكلة زعماء Elden Ring "الفرعيين" ليست في جودتهم، بل لأن هذا المستوى خرج من FromSoftware. لا أعتقد بأن يومًا من الأيام قد تأتي لعبة تمتلك المستوى الاستثنائي والمثالي لزعمائها كـDark Souls III، وبشكلٍ عام، عناوين الاستديو تشهد على قوّة وخبرة الفريق بصناعة زعماء رائعين. التحدّي الأكبر في عنوان Elden Ring هو العالم المفتوح، التجربة الأولى للفريق بهذا التصنيف. ولضخامة العالم تأثير على هذه النقطة، حيث يتطلب منهم صناعة محتوى يتناسب مع حجم العالم. ولسبب خبرة الفريق بصناعة الزعماء، لعلّهم تهوّروا قليلًا بفكرة إشراك الزعماء والإعتماد عليهم لمواكبة تصنيف اللعبة. بالإضافة إلى المشكلة التي ذكرتها مسبقًا، ألا وهي فكرة المغارات التي دائمًا ما تنتهي بمواجهة زعيم، حيث أدّت إلى نتيجة سيئة.
الزعماء المنتشرين في أرجاء العالم، يتراوح مستواهم بشكلٍ عام بين المتوسط إلى الجيّد، حيث أجد هذه النقطة إيجابية نظرًا للهدف الأساسي من تواجدهم. في حين تميل الكفّة للسلبية حين نتحدث عن زعماء المغارات السيئين والتافهين في الغالب. ولكن، المشكلة في كلتا النقطتين هي تكرار الزعماء ذاتهم لعدّة مناسبات، وخصوصًا في النصف الثاني من اللعبة. المغارات لن أتحدث عنها كثيرًا لأنها من الأساس تضمنت زعماء تعيسين، فكيف إن أُعيد استعمالهم؟ بالنسبة للمنتشرين في العالم، فالمشكلة هي غياب قوّة ظهور بعضهم حتى وإن كان جيّدًا بسبب إعادة استعماله مرارًا وتكرارًا. وأقرب مثالٍ على ذلك هم التنانين، الذين استمتع في قتالهم دائمًا، ولكن، كثرة ظهورهم بشكل مفرط مع تغيير في عناصرهم القتالية فقط كانت المشكلة التي جعلت من قتالهم يفقد جزءًا من متعته مع مرور الوقت.
الزعماء الأساسيين أو أنصاف الآلهة، قتال بعضهم كان يصرخ بـ اسم FromSoftware! مستواهم يتراوح بين الجيد إلى الممتاز، حيث برز بعضهم بمعارك عظيمة دوّنت اسمها ضمن قائمة أفضل النزالات في ألعاب الاستديو، في حين كان بعضهم محبطًا أو كان ممتازًا في النصف الأول أو الثاني من القتال فقط. ولكن، على الرغم من ذلك، تميّز الكثير منهم بتحرّكات وضربات ممتازة مع تحدّي كبير مدروس يجعل من طعم الفوز مكافئًا لما مررت به. تصاميمهم المذهلة مع المشاهد الرائعة المصاحبة للقتال كما ذكرت مسبقًا، جعلت لبعضهم لحظات لا تُنسى. ناهيك عن الخلفية القصصية الجيّدة للكثير منهم وخصوصًا أنصاف الآلهة، وكان لأحدهم تقديمًا رائعًا جدًا تمنيّت لو أن الآخرين كان لهم ذات النصيب من الإهتمام الكبير الذي سار على أسلوب ممتاز جدًا قصصيًا. كما أعجبتني سلوكيّات مُعظمهم أثناء القتال مع ذكاء اصطناعي الأفضل حتى الآن للاستديو، حيث كانت قراءة تحرّكاتهم أصعب من العناوين السابقة نظرًا لإختلاف تصرّفاتهم بشكل كبير. وهذا العنصر جعل من مواجهاتهم مختلفة ومميّزة مع تحدّي التعلّم من الصفر لمجابهتهم.
الجانب الفنّي
عالم لعبة Elden Ring بمثابة السحر الآسر للقلوب، ليس بسبب تصميمه العملي الرائع فحسب، بل لجمال التوجّه الفنّي الفاتن. تنوّع التضاريس بمختلف المناطق أعطى طابعًا مميزًا لكل جزئية من العالم مع تناغم الألوان بشكل أخّاذ. بدايةً مع سحر انعكاس ضوء النعمة لشجرة الـErdtree على الأراضي الوُسطى، ومرورًا بالمناطق الليلية الحابسة للأنفاس بروعة سمائها المُرصّعة بالنجوم حول ضوء القمر، ووصولًا إلى التصاميم المعمارية البهيّة للقلاع والحصون. الكثير والكثير من المناظر الرائعة المحيطة حولي، فلقد شهدت مع Elden Ring أحد أجمل العوالم المفتوحة بصريًا على الإطلاق.
الموسيقى التصويرية الملحمية دائمًا ما تلازم زعماء عناوين الاستديو بشكل رائع. ولكن بالنسبة لـElden Ring، فسوف تصعب المهمة نظرًا للمحتوى الضخم الذي يتطلّب كم هائل من الموسيقى. كانت الموسيقى تتراوح بين العاديّة والجيّدة للزعماء الفرعيين، وشهدت بعض تلك المواجهات موسيقى أفضل من أقرانها، كزعماء التنانين على الرغم من تكرارها. وبالنسبة للزعماء الرئيسيين، كانت الموسيقى جيّدة مع توهّج القليل منهم بألحان ممتازة جدًا. وأخيرًا، ألحان العالم وأثناء الاستكشاف، فقد كانت مناسبة بالمجمل وأعطت طابعًا لا بأس به لكل منطقة. وأود الإشادة بلحن أحد القلاع التي تفرّدت بمعزوفة رائعة للغاية، مما جعلت لتلك القلعة تأثيرًا أكبر في تجربتها. بشكلٍ عام، كان مستوى الموسيقى إيجابي وجيّد، ولكن معظمها ليست مُخلّدة في الذكرى كبعض تلك المواجهات واللحظات العظيمة بمعزوفاتها في ألعاب الاستديو السابقة.
الخلاصة
غمرتني Elden Ring بتجربة عالم مفتوح خيالية لم أتوقع أن يأتي زمان بمثلها. عشت معها أكثر من مئة ساعة من المتعة دون أي لحظة ملل، فُتنت بجمال الأراضي الوُسطى وإبداع الاستديو بتقديم تحفةٍ أخرى على طبقٍ من ذهب. نعم، ضريبة نجاح العناصر الجديدة والعالم المفتوح كانت بمقايضة ضحيّتها تكرار المغارات وسوء الزعماء المصاحبين لها. ولكن، لم تؤثر كثيرًا على التجربة كاملة، حيث لازمتني المتعة الاستثنائية منذ أن وطأت قدمي الأراضي الوُسطى حتى لحظة ظهور اسم Hidetaka Miyazaki في الختامية.
0 تعليقات