Hi-Fi Rush

جودة اللعبة تسوّق لنفسها، وهذا بالفعل ما حصل مع Hi-Fi Rush. مفاجأة جميلة قدّمها لنا فريق Tango Gameworks خارجة عن نطاق راحتهم بأسلوب لعب دمج بين الأكشن هاك اند سلاش والإيقاع مع مظهر كرتوني رائع، حيث أعلنوا عن اللعبة فور إصدارها ولاقت نجاحًا يليق بها في فترة وجيزة. 

القصة

تتحدث اللعبة عن حكاية الشاب Chai الذي يطمح لأن يصبح نجم روك، ولكن للأسف ما يحول بينه وبين ذلك الحلم إصابة يده اليمنى التي تمنعه عن العزف على القيتار. وإثر ذلك، توجّه لشركة تدعى بـVandelay حيث أعلنت عن مشروعها الذي يستبدل أطراف البشر المصابة بأخرى صناعية. تطوّع بطلنا للمشاركة، وعن طريق الخطأ، زُرع الجهاز الموسيقي الخاص بـChai على صدره أثناء عملية استبدال اليد المصابة مما جعل من حواسه مندمجة ومتناغمة مع الموسيقى. 

قصة مباشرة تعتمد بشكل أكبر على الجانب الكوميدي والأحداث الهزلية التي تحصل مع Chai في ردع شركة Vandelay التي تنوي التخلص من بطلنا بعدما أعتبروه خطأً مصنعيًا يجب التخلص منه. وخلال مغامرته يلتقي بالعديد من الشخصيات سريعة دخول القلب حيث يساعدونه في معضلته بعدما أتّضحت مشاركتهم لذات الأهداف. مجريات القصة سريعة ومليئة باللحظات الممتعة والاستهبالية بشكل جيّد ومناسب لأفكار اللعبة وخربطتها. أعجبني توجه القصة وعدم سلكها مسارًا جديًا إلا بأوقات قليلة، كنت مستمتعًا بمعظم ساعات اللعبة قصصيًا وأحببت جميع الشخصيات بلا استثناء. كما أبدع الفريق بصناعة مشاهد سينمائية جيّدة رسوميًا مع الكثير من التهريج الممتع.

أسلوب اللعب

انسجام Chai مع الموسيقى جعل كلّ ما حوله مسرح يتراقص مع الإيقاع، الأشجار وفتحات التهوية والأعمدة والأجهزة وأعمدة الإنارة وكل شيء. وهنا تكمن فكرة اللعبة، حيث تزداد نقاطك وقوّة ضرباتك إن نفذتها مع إيقاع الموسيقى، كذلك الأمر مع القفز (يزداد علوّها) والمراوغة (يزداد عددها). تبدأ مع كومبوات بسيطة ولكن مع جمع العملات تستطيع تعلم عدّة ضربات متسلسلة جديدة حيث ساهمت بشكل واضح خصوصًا بعد نصف اللعبة بزيادة جرعة المتعة وتنوّع القتال أكثر فأكثر. وعند نهاية تنفيذك للكومبو يمكنك شن هجومًا قويًا فور نقرك على زر الضربة بالتوقيت الصحيح الذي يظهر في الشاشة.

يمكن لـChai القيام بالصد المثالي (Parry) حيث تكافئك اللعبة بنقاط أعلى في الجولة القتالية، وهي أيضًا تتيح لك تنفيذ ضربة قوية بعدها. تطبيقها سخيف عند مواجهة عدو لأول مرة حيث يتعيّن عليك صد جميع ضرباته وإلا سوف تُعاد هجماته مجددًا. ولكن مع ذلك، كانت فكرتها موفّقة مع الأعداء الأقوياء وأضافت تنويعًا جميلًا (ليس بالمواجهات الأولى أو حين تجبرك على صد جميع الضربات). 

كما تقدّم اللعبة ميزة الاستدعاء بتوظيف جيّد في القتال حيث يمكنك نداء أحد الشخصيات المرافقة لك لتشن هجومًا سريعًا وتختفي بعد ذلك. الرائع بهذه الفكرة بأن كل شخصية لها ميزة معيّنة أمام أعداء مختلفين، مثل واحدة تساعدك في كسر درع العدو والأخرى تساعدك في إخماد النيران. بالإضافة إلى أنه يمكنك القيام بكومبوات مشتركة معهم يمكنك شراءها لتحصل على خيارات أوسع في القتال مع ضرر أكبر.

أعجبني أسلوب القتال كثيرًا، فكرة اللعبة ودمج الموسيقى مع الضربات نتج عنه واحدة من أمتع ألعاب السنة. أدمنت القتال ودائمًا ما أتوق لمواجهة العديد من الأعداء. قائمة القدرات وميزة استدعاء الشخصيات شجعتني كثيرًا في الإبحار بتنفيذ سلاسل من الهجمات الممتعة حيث أحزن بعض الشيء عند نهاية كل قتال. ولكن بخصوص هذه النقطة، هنالك مشكلة كانت كالشوكة في عنقي وهي غياب ميزة تثبيت الكاميرا على العدو (Lock-on). سببت فوضى مزعجة في لحظات معيّنة وسط الزحام، كتشتيت الشخصيات المستدعاة للعدو المراد مهاجمته، وتخريب الكومبوات بتغيير التركيز على العدو وسط سلسلة الضربات. 

المراحل

تصميم المراحل بمستوى عادي يؤدي الغرض منه، تسير في طريق تعيقك فيه بعض جزئيات البلاتفورمينق وموجات من الأعداء. كما أعتمدت اللعبة على إشراك الشخصيات القابلة للاستدعاء في مغامرتك عبر كسر بعض الأبواب المغلقة أو تنشيط جهازٍ ما لفتح الطريق لفترة وجيزة وغيرها عبر النقر بالوقت المثالي الظاهر بالشاشة. الاستكشاف لا بأس به يكافئك بشكل معقول بعناصر تتيح لك زيادة شريط الصحة وبطاريتك وقابلية شراء قدرات خاملة والعثور على عملات لفتح المهارات.

عتبي على هذه الجزئية يكمن في جزئيات البلاتفورمنق حيث قدمتها اللعبة بمستوى متذبذب يميل للجانب السيء في أوقات كثيرة. ونسبة ليست ببسيطة منها جاءت بسياق غير مبرر هدفه التمطيط فحسب خصوصًا في النصف الأول من اللعبة. ناهيك عن أنها بسيطة وغير ممتعة من الأساس مجرد قفزات أو تنقل بالخطاف من سطح لآخر بلا لمسات إبداعية. تمنيّت لو أنها كانت أقل حدّة ومدّة حتى وإن أصبح عمر اللعبة قصيرًا. 

الأعداء والزعماء

تنويع الأعداء ممتاز سواء كان ذلك بأساليبهم القتالية أو تعدد أصنافهم. أحببت مواجهاتهم (ماعدا الساموراي) خصوصًا عندما يأتون كجماعات، فهنالك الطائر الذي يهجم من الأعلى، وكذلك ذوي الهجمات بعيدة المدى، وأيضًا المدرعون ذوي الدفاعات القويّة، وغيرهم الكثير. ولكل واحدٍ منهم ضربات مختلفة عند الدخول في وضعية الصد المثالي، مما جعل لجميع الأصناف مميزات مختلفة تميّزهم عن الآخرين. ومن ناحية أخرى، أبدعت اللعبة في تقديم مجموعة من الزعماء حملوا معهم قتالات متعددة المراحل والتحوّلات ممتعة ومليئة بالتحديات الجيّدة (ماعدا واحد كانت كل المواجهة عبر الصد المثالي) بمزج ممتاز لأفكار اللعبة الإيقاعية والقتالية. 

الجانب الفنّي

لعل أول ما جذبني باللعبة رسومها الكرتونية وكيفية إخراجها فنيًا، حيث ذكرتني من الوهلة الأولى بالرائعة Sunset Overdrive، وأيقنت حينها بأنني مقبل على تجربة غير عادية. أسلوب فنّي ظهر بأبهى حلّة وساهم بإبراز القتال بتأثيرات بصريّة رائعة بطابع الرسوم القصصيّة المصوّرة بعبارات وألوان جذابة مع نعومة جيّدة في الحركة وسلاسة الإنتقال بين الشاشات. تصميم الشخصيات فريد وما زاده جمالًا الأنميشن الممتاز في تعابير الوجه وإيماءات الجسد. 

معزوفات جيّدة ومتناسقة مع اللعبة بأفضل شكل ممكن، طوال المغامرة ستجد رأسك يتراقص مع الإيقاع وكأنك جزء من اللعبة. أضافت موسيقى الروك أجواء حماسية بمستويات عالية بلا توقّف وبرزت بشكل محلوظ أكثر في المراحل المتقدمة ومواجهة الزعماء. ولا زلت منبهرًا حتى الآن في كيفية تجانس كل ما حولك حتى القوائم وإيماءات جسد Chai مع الإيقاع بإتقان مثالي للفكرة وكأنهما عنصرٌ واحد. هذا الجانب استثنائي من اللعبة، وأعتقد بأننا سنتذكرها لأعوام مديدة ونضرب بها المثال كلعبة أجادت فكرتها الفريدة بتفاني وإبداع.