Final Fantasy XVI

Ibrahim يوليو 08, 2023
كلمة
نبذة عن المقال: من تطوير فريق Creative Business Unit III من شركة Square Enix حيث صدرت على منصة الـPS5 كحصرية مؤقتة في تاريخ 22 يونيو 2023
-A A +A

الجزء المرقّم السادس عشر من سلسلة Final Fantasy أصبح بين يدينا أخيرًا! أهم وأكثر حصرية PS5 منتظرة بالنسبة لي منذ الإعلان عنها، وذلك بسبب إعجابي الكبير بفريق Creative Business Unit III بقيادة Naoki Yoshida الواقف خلف هذا العنوان الطموح والمرتقب، وثقتي العمياء بخبرتهم وإبداعهم خصوصًا بعد تجربتي الخيالية مع FFXIV وعشقي لأسلوب مصمم القتال باللعبة السيّد Ryota Suzuki (أبرز أعماله Devil May Cry 5 وDragon's Dogma). وكما أعتدنا على السلسلة، توجه جديد وضع جل تركيزه على جانب الأكشن والهاك اند سلاش في تقديم تجربة خيالية غنيّة باللحظات القصصية الرائعة والشخصيات الممتازة مع أسلوب اللعب الإدماني.

القصة 

تأخذنا حكاية FFXVI نحو العصور الوسطى في أرضٍ تُدعى بـValisthea المنقسمة لقارتين تحكمهما أُمم قويّة تفرض سيطرتها على مدن مختلفة، بوركت أراضيها منذ قديم الزمان بخمسة كريستالات ضخمة الحجم مُنتشرة في قلب المدن الحاكمة. يستعمل البشر السحر خلال معظم مهامهم اليومية عبر شظايا بلورات صغيرة الحجم تستمد طاقتها (الإيثر) من الكريستالات، أي أن كلما كنت أقرب للكريستالة الأم أصبحت البلورات أشد قوّة، مما أدّى إلى نشأة الحروب بين الدول العظمى طمعًا في الحصول على المزيد من هِبات الكريستالات سعيًا للإزدهار والسلطة. ولكن، ليست الكريستالات المصدر الوحيد، بل أن هنالك بشرٌ يولدون بقدرات تجعلهم مخوّلين باستعمال السحر دون الاستعانة بأي بلورة. وهنا نشأت الطبقية بين البشر، حيث يُنبذ وبشكلٍ غريب مستعملوا الأسحار منذ الولادة. بالإضافة إليهم، يوجد أشخاص مستعملي السحر بالفطرة يلقبون بالـDominant وهم الذين يستطيعون التحكم بوحوش الاستدعاء الشهيرة في السلسلة (يُدعون في اللعبة بـEikons)، حيث يعتبر كلّ فردٍ منهم حجر أساس القوّة لكل أمّة.

تروي اللعبة قصّة بطلها الشاب Clive، الابن البِكر لأرشيدوق حاكم مدينة Rosaria، المتقن لمهارة السيف بعمرٍ صغير حتى أصبح درع المدينة الأول، وكُلّف بحماية شقيقه الأصغر Joshua الـDominant الخاص الـPhoenix. وبسبب بسالته وحبّه الكبير لحماية شقيقه، وُهب بجزء من قوّة نيران الـPhoenix ليكرسها في إتمام واجباته على أكمل وجه. تصاعدت الأحداث سريعًا، ولم تكن الحياة مسالمة كما بدت عليه دقائق اللعبة الأولى. تأخذنا رحلة اللعبة مع صراعات Clive ونشهد معها التغيرات والتطورات الهائلة التي دخلت حياته دون طرقٍ لأبوابها.

سارت اللعبة على ذات النهج السينمائي للسلسلة بتركيز مكثف وواضح على المشاهد الطويلة في مدتها وعددها، ولكن وصلت في FFXVI لمستوى خيالي. معظم أو شبه جميع الحوارات بالقصة سُردت عن طريق المشاهد مبتعدين عن النصوص الكتابية بإخراج سينمائي رائع وجذاب، يسحبك بسهولة نحوه بمحتوى قصصي جيّد في أغلب الأوقات مع أحداث ممتعة خصوصًا بالأساسية منها والمتضمنة لشخصيات مهمة. العالم والشخصيات بملامحهم الحيّة والمليئة بالمشاعر دائمًا ما يظهرون بأبهى حلة في المشاهد، يجعلونك منسجمًا بكل صغيرة وكبيرة. بالإضافة إلى مشاهد المعارك القتالية سواء بالسيوف أو السحر وبالأخص مواجهات الـEikons والتحولات الخاصة بهم كانت خارقة المستوى ملحمية في تقديمها وعرضها بتفاصيل وإخراج لا تشوبه شائبة. استمتعت في كثيرٍ من الأوقات بالعروض دون أي إنزعاج من مدّتها على غير العادة من الألعاب المتبنيّة لذات الفكرة السينمائية لحصريات سوني في السنوات الأخيرة، خصوصًا مع موازنتها الجيّدة بين المشاهد وساعات اللعب حيث جعلتني راضيًا من الجانبين.

أبدع Kazutoyo Maehiro بكتابة لور وأساسيات القصة حيث تناولت مواضيع مختلفة كالظلم والقتل، الخيانة والغدر، الإنتقام والحقد، وذلك ضمن سياق محكم التصميم تحت إطار سوداوي ودموي. بناء العالم المليء بالأسرار والمعلومات أخذ راحته بشكل كامل حيث نتج عن ذلك مستوى رائع وصلب، كُتب بعناية وجودة تليق بالعنوان. دُمجت حقبة اللعبة بطريقة جيّدة بمزج النزاعات والطابع السياسي مع الأفكار المميزة لسلسلة Final Fantasy. تاريخ وخلفيات قصصية معقدة مليئة بالأحداث في الماضي والحاضر رُوِيَت بطريقة سهلة الفهم والمتابعة، كما ساهم في تسهيل ذلك خاصية الـActive Time Lore الجميلة التي تشرح المناطق والمفاهيم والشخصيات الحاضرة بالحدث بطريقة مختصرة بضغطة زر وقتما شئت (قابلة للتحديث مع كل حدث أو معلومة جديدة). ثم بعد ذلك، يمكنك مراجعة جميع النقاط القصصيّة بأدق تفاصيلها عند العودة للمخبأ عبر التحدث مع مؤرخ أو مخططة عسكرية لديهما كل الإجابات التي تبحث عنها.  

الجزئية السياسية من القصة والحروب بدأت قويّة ومبشرة في بداية اللعبة، ولكن بهت رونقها مع الوقت. صبت اللعبة جل تركيزها في القصة حول الـDominants والـEikons، وكأنها القوّة الوحيدة فقط في أرض المعركة بعيدًا عن التخطيط العسكري والجيوش وإلى آخره، حيث تؤدي خسارة الـEikon إلى تداعي الدولة أو المملكة بأكملها. لم يكن هذا الجانب بالمستوى المطلوب، ولكن النتيجة النهائية أظهرت قصة ممتعة تملؤها لحظات حماسية تصرخ باسم Final Fantasy. 

مقدمة القصة مثالية، خطفتني وأسرتني بعدما سُردت بمستوى رائع وممتاز. عرضت الشخصيات الرئيسية وعلاقاتهم سويًا بشكل جيّد وبفترة وجيزة مع الكثير من اللحظات الغير متوقعة حيث قامت بإيقاظ كل ذرّة حماس بداخلي وأنسجمت مع اللعبة سريعًا. تبعتها لاحقًا العديد من اللحظات الممتعة والمتصاعدة في مستواها مع التركيز بشكل واضح على الشخصيات الأساسية والمرافقة للبطل. هنالك الكثير من القمم في أحداث القصة حاملةً معها لحظات ملحمية، درامية، وحابسة للأنفاس. وبذات الوقت، صاحبتها لحظات خمول وهدوء في جزئيات معينة من اللعبة بين الأحداث القويّة والمؤثرة حيث كانت مطوّلة بمدّة زمنية غير منطقية أكثر من اللازم في كثيرٍ من الأوقات. مجريات الأحداث جيدة بالمجمل وممتعة في اللعب والمتابعة معظم الأوقات حتى على الرغم من شبه وضوح مسارها وحبكتها بعد نقطة معينة من القصة. تمنيّت مستوى أكثر ثباتًا بين قمم المهام حيث كانت كالمثبطات أحيانًا بعد ذروة الأحداث. 

أشك بأن فريق Creative Business Unit III يعتقدون بأنهم يعملون على لعبة MMO وليس لعبة فردية جديدة للسلسلة. فتصميم المهام مشابه لحد كبير بتلك المتواجدة في FFXIV حيث يتطلب منك في الغالب الإنتقال من النقطة A إلى B للحديث أو البحث أو الإيصال فقط، ما يحدث بين تلك النقطتين هو قتال مجموعة الوحوش المنتشرة في أرجاء العالم (لا شيء غير ذلك يمكنك فعله). لحظات الهدوء المثبطة التي ذكرتها مسبقًا من القصة تُصبح أكثر إزعاجًا في بعض الأوقات بسبب سوء تصميم مهامها المُنفرة. ناهيك عن المهام الغير منطقية في جزئيات حماسية أو مهمة من القصة (إن كنت لعبت اللعبة، فأعني تحديدًا مهمة العثور على تصريح العبور وما شابهها من مهام). تمنيّت مستوى أفضل من ذلك مع تنويع أكبر في تصميم المهام الأساسية على أقل تقدير (الجانبية أسوأ منها، سأتحدث عنها لاحقًا).

الشخصيات

لا توجد شخصيات ثابتة تسير مع Clive في جميع المهام ماعدا الذئب Torgal. تبدأ اللعبة وحيدًا دون مرافقين، ولكن سرعان ما تتوسع قائمة معارفك حتى تصبح بالعشرات. أحببت معظمهم، شخصيات فذة ومميّزة تجعلك متعلقًا بهم وبسهولة. تنويع جميل جدًا للدائرة المحيطة بـClive ليس بشخصياتهم فحسب، بل في أدوارهم ووظائفهم حيث يمكنك الشعور بأهمية الجميع وكأنهم أحجار أساس وأعمدة المكان. الحوارات معهم لطيفة تغمرها العديد من اللحظات العائلية الجميلة، تُشعرك فعلًا بقوة الرابطة والأخوة التي تجمع بينهم وكيف تطوّرت وبُنيَت على مدار اللعبة بمستوى مثالي. قصصهم رائعة وبدراما جميلة مليئة بالمشاعر المحزنة والمبهجة كما سنشهد على مدار اللعبة ومن خلال المهام الجانبية كذلك. أجد الشخصيات أقوى نقاط قوّة اللعبة ومن أكثرها تأثيرًا على متعة القصة وزيادة حبّي لها، حيث وجدت نفسي مهتمًا بالجميع ومكترثًا بكلّ ما يدور بحياتهم دون تفويت أي فرصة لمعرفة المزيد عنهم.

الزين ما يكمل نوعًا ما، لديّ عتاب بسيط عن Jill Warrick، إهمال الكتّاب الواضح لشخصيّتها المهمّشة والغير مفيدة على الرغم من قربها بشخصية بطل القصة وماضيها وقوّتها التي من المُفترض أن تكون مؤثرة ومفصلية في عالم اللعبة. تمنيّت إهتمامًا أكبر وحضورًا أوضح بدلًا من أن تكون "تابعة" أكثر من كونها "مرافقة". لا أود حرق أي جزئية من القصة، ولكن حتى في أهم لحظاتها من القصة لم أتأثر أو أتعاطف أو حتى أُعجب بها. 

كتابة شخصية Clive ممتازة جدًا، وشخصيًا أعتبره أفضل بطل في السلسلة من العناوين التي لعبتها. تطور شخصيته رهيب للغاية، خصوصًا بعد مضي السنوات والمعاناة المُهلكة خلالها. تلاحظ في كل فصل من القصة التخبط والضياع اللذان يعيش فيهما بطلنا، وكيف يتغلب على تلك المشاعر والحقيقة المؤلمة لعالمه التعيس. كما يعجبني تمسّكه بإعتقاداته وعقليّته الناضجة وتصرفاته السليمة. بالإضافة إلى أن علاقاته المحيطة به والشخصيات الرائعة جعلتنا نشهد التغير الإيجابي الملحوظ في تعامله وتفكيره حيث كان لهم دورًا كبيرًا في التحسن. 

وعلى النقيض، أنا حقًا محبط بكتابة الغرماء الأساسيين (لن أتحدث عنهم لتجنب الحرق) وتحديدًا الـDominants منهم (ثلاثة تحديدًا). يُعتبرون من ركائز القصة، حضورهم كان قويًا ويعود ذلك فقط للوزن القصصي الضخم والبناء الممتاز لجبروت الـEikons دون شخصياتهم. الحلقة الأضعف بالقصة، دوافع معظمهم سخيفة وغير واضحة أحيانًا، لم يكن هنالك ما يميّزهم من ناحية كتابية وظُلموا بظهور محدود المدّة والأهمية. بناء ضعيف، يُسلط الضوء عليهم بالجزئية الخاصة بهم فقط حيث أشعرني ذلك بأنني أسير باللعبة في خط مستقيم لا أعرف ما يدور حولي حتى أقترب من الشخصية المعني قتالها وكأنه زعيم غير مهم قصصيًا في نهاية مغارة من ألعاب تقمّص الأدوار دون أي معرفة سابقة عنه. فرص مهدرة كان الممكن على الأقل توضيح تأثيرهم على النزاعات والحروب الأخرى، وتمنيّت رؤية أفعالهم على مدار اللعبة ومعرفة إنجازاتهم التاريخية على أرض Valisthea.

أسلوب اللعب

غمرتني اللعبة بأسلوب قتال إدماني ومذهل وضع جلّ تركيزه على طابع الأكشن والهاك اند سلاش مع عناصر تقمّص أدوار بسيطة متناغمة وملائمة مع أفكار اللعب. تبدأ اللعبة بأساسيات مهارة استعمال السيف مع مهارتين لقوّة الـPhoenix وضربة سحريّة بعيدة المدى، يمكنك من خلالها القيام بكومبوات جيّدة وممتعة منذ البداية. كما يمكنك أمر الذئب المرافق Torgal بتنفيذ هجمات غير مؤثرة نوعًا ما على شريط صحة الخصم، ولكن تسمح بمواصلة تسلسل الكومبوات وفتح فرص جديدة للهجوم. تُعطيك اللعبة مدة زمنية ممتازة حتى تتقن أساسياتها مع المهارات المكتسبة من شجرة التطوير القابلة للتعلم بسهولة بفترة وجيزة، ثم تقدّم اللعبة أولى القِوى المكتسبة من Eikons آخرين أعادت تشكيل ذهني في طريقة اللعب مع خلق العديد من الكومبوات الجديدة. كلما حصلت على المزيد من هِبات الـEikons، زادت معها عشرات من الخيارات في أسلوب اللعب حتى تُصبح حائرًا باختيار الضربات. بالإضافة إلى تقديم خاصية الـLimit Break المساهمة في إطلاق العنان لقوّة Clive.

كل Eikon يقدّم 4 قدرات فريدة حيث يمكنك اختيار مهارتين فقط للـEikon الواحد لاستخدامها في القتال (تستطيع وضع ثلاثة Eikons بحد أقصى أي 6 قدرات بذات الوقت للتبديل بينهم أثناء المعركة)، بالإضافة إلى هجمة خاصة أو حركة مميزة لكل واحدٍ منهم (كالإنتقال الآني نحو العدو أو سحب العدو نحوك). جميعها قابلة لتطويرات بسيطة، ولكن تزيد من خصائصها وقوّتها. وعند تطوير مهارة معينة لآخر مستوى، تستطيع وضعها في خانة Eikons آخرين (باستثناء الحركة الخاصة) مما تسمح لتخصيص أكبر وتوسيع للخيارات المتاحة أمامك خصوصًا في المراحل المتقدمة من اللعبة. جميع المهارات ذو فائدة، ولن تجد ولو واحدة منها غير مؤثرة على القتال أو عديمة النفع. كل قدرة لها Cooldown مختلف بمدة موزونة تسمح باستغلال جميع المهارات وبنفس الوقت دون الإعتماد عليها فقط (سبام) بشكل مفرط بعيدًا عن مهارات السيف الأساسية. 

تناغم رهيب ومذهل بين القدرات الخارقة والمهارات الأساسية لا يمكن الملل منه حتى بعد عشرات الساعات. كلما حصلت على قدرات Eikons أسعى جاهدًا لاكتشاف المزيد من الأساليب القتالية مستعينًا بالمهارات القديمة والجديدة. حتى لاحظت نفسي معتمدًا على التفادي المثالي وخفّة الحركة أثناء القتال في وقت من اللعبة، ثم تغير نمط قتالي نحو الصد المثالي وتنفيذ الضربات القويّة لكسر دفاعات الخصم (Stagger)، ثم أصبحت أتناوب بالأساليب بين الكومبوات الجويّة والأرضية. تجديد مثالي، وتطبيق ولا أروع جعلني في قمّة المتعة على مدار اللعبة كاملة حتى جعلني متعطشًا للمزيد حتى بعد إنهاء القصة. 

الجانب البصري من التصميم الخاص بالـEikon عند إضافته لجسد Clive يُعطي مظهرًا فريدًا كالأجنحة والأسلحة وغيرها. بالإضافة إلى مؤثرات القدرات ممتازة للغاية، فجميعها تمتلك تحريك رائع. الألوان البهيّة والمؤثرات البصرية بجميع العناصر النارية والهوائية وغيرها ظهرت بأبهى حلّة، تشجعك لزيادة تنويع الهجمات وتشكيل المهارات واستعراض الفن الجميل. خلطة متعة اللعب مع جانبها البصري المبهر نتج عنهما جانب فاخر المستوى. 

العالم

العصور الوسطى في جميع الأعمال يغمرها مظهر متشابه تقريبًا، الغابات والحقول والقرى والصحاري والطرق الوعرة. صُنعت المناطق والمناظر بمستوى وحجم جيّد وملائم لفكرة اللعبة ومحتواها، تصوّر رائع للقلاع والقصور مع مناظر مدهشة تحت لمعان الكريستالات. كنت أتمنى خيالًا أوسع وإبداعًا خارج عن المألوف في تصميم المناطق، ولكن ألتزمت اللعبة في معظم مناطقها ومعالمها بالطابع الواقعي للحقبة الزمني بمستوى لا بأس به ومُلفت أحيانًا. أعجبتني الحيوية الجميلة في تفاعل الناس في القُرى والمُدن، بالإضافة إلى القصص المُثرية من المهام الجانبية حيث أضافت الكثير والكثير لقيمة العالم وكل منطقة دون استثناء كما سأتحدث عنها لاحقًا.

تقدّم اللعبة تدريجيًا أجزاء صغيرة وخطيّة من كل منطقة وتتوسع مع الوقت حتى تستطيع التحرك بداخلها بحريّة، يمكنك الإنتقال بين أجزائها بسهولة ويسر كون حجمها معتدل مع نقاط سفر سريع موزعة بشكل جيّد (يمكنك الحصول على تشوكوبو لاحقًا). الاستكشاف شبه معدوم وغير ضروري صراحةً، لن تجد ما يُرضي فضولك أو يُلفت إنتباهك، مجرد مساحات فارغة تملؤها الوحوش والعناصر المبعثرة دون قيمة حقيقية منها. الجانب الإيجابي أن كل ركن وزاوية سوف تُستغل بوقتٍ ما سواء كان ذلك بمهمة أساسية أو جانبية أو مهمة صيد، كان ذلك ينوّع بالفعل من مواقع تنفيذ المهام بذات المنطقة، ولكن تمنيّت استغلالًا أفضل خصوصًا ببعض النطاقات الأوسع من غيرها.  

تصميم المغارات محبطة نوعًا ما وقابلة للنسيان، سطحية وكأنها مسار تسلكه حتى تصل للزعيم في نهاية المطاف. لا توجد عقبات أو ألغاز أو أي شيء من هذا القبيل، فقط مواجهة موجات من الأعداء. حتى مظهرها بسيط بالغالب خالي لمن اللمسات الفنّية المميزة، أمر غريب لدرجة تُشعرني ببعض الأوقات بأنها ليست من ذات الفريق الواقف خلف لعبة FFXIV المبدع بهذا الجانب.

المخبأ، مكاني المفضل وملجئي في جميع الأوقات. احساس جميل دائمًا يراودني أثناء السير في الأرجاء، مكان تفوح منه رائحة عائلية دافئة تُشعرني بمدى روعة العلاقة بين الشخصيات وكيف تطورت منذ البداية وحتى الرمق الأخير من اللعبة. تجد فيه جميع تجهيزاتك المطلوبة من حيث الحداد والبائعة، مراجعة القصة عند المؤرخ أو المخططة العسكرية، متابعة إعلانات الصيد، وغيرها. أعجبني تفاعل الجميع مع Clive ومواكبتهم جديد القصة وإبداء رأيهم سواء تحدثت إليهم أو سمعت عامة الناس يتهامسون. أحببت كل التفاصيل بالمكان سواء كانت مفيدة أو حتى عابرة كالاستماع للشعر عند المدخل. مكان حتى على الرغم من بساطة تصميمه وتعاسة العالم وسوداويته، إلا أنه مفعم بالحياة والإنتعاش.

المحتوى الجانبي

هنالك محتوى جانبي قليل التنويع، ولكن وفير ومُرضِ كما أنه مسفتز بذات الوقت. تقدّم لك مجموعة مهام جانبية في بداية اللعبة لا تزيد عن 2-3 بعد كل حدث رئيسي، تُعطي فكرة جيدة وأشمل عن العالم وخفاياه من حولك وتركز على بعض من الشخصيات الجانبية وكيف تسير الحياة في المخبأ. لم أنزعج من متطلباتها السخيفة في بادئ الأمر كونها بسيطة وسريعة التنفيذ بعدد معقول وبمتناول اليد. تبدأ المهام في التحسن قصصيًا تدريجيًا وتضيف الكثير للعالم بشكل خاص وتساعد في بناء فكرة أوسع عنه حتى تصل لنقطة معينة من القصة حيث يصب إهتمام المهام غالبًا للشخصيات الجانبية والمساندة لك (بعضهم يمتلك سلسلة من المهام). ولكن للأسف، يصبح عددها مع الوقت مزعجًا جدًا خصوصًا بالربع الأخير من اللعبة (عادي جدًا تفتح اللعبة لك أكثر من 10 مهام جانبية جديدة بنفس الوقت).

تصميم المهام غاية في السوء، جميعها دون استثناء Fetch Quests قبيحة تسد النفس. كانت مُحتملة في بداية اللعبة نظرًا لعددها المعقول، ولكن بعدما غدت بهذا العدد المزعج تصبح منفرة وقاتلة أحيانًا لرتم اللعبة كونها بين مهام أساسية حماسية. مع ذلك، تحمّلت تعاستها ولم أفوت مهمة واحدة ونفذتها فور إتاحتها. لماذا؟ لأن كثيرًا منها يُضيف الكثير لقيمة العالم والشخصيات بمحتوى قصصي رائع (بالأخص النصف الثاني من اللعبة) تميّز بجودة كتابية بين الجيدة والممتازة تفوّقت أحيانًا بمشاعرها على أفضل لحظات القصة الأساسية. نعم هنالك تفاحات فاسدة بين كومة المهام، حيث كانت بلا فائدة قصصيًا ولا حتى بمكافآت ملموسة تستحق العناء، ولكن بالمجمل جودة قصص المهام المتعلقة بالشخصيات المساندة تعوّض ضعف تصميمها السيء وتواجد المهام عديمة النفع.

المحتوى الجانبي الآخر مهام الصيد، حيث تجد لوحًا في المخبأ يُشرف عليه مخلوق الموغل تتجدد به إعلانات الوحوش القوّية المنتشرة في العالم بشكل دوري. تجد في الإعلان آخر اسم منطقة شوهد بها الوحش النادر، فيتعيّن عليك البحث في تلك الجزئية حتى تجده. قتالهم كان ممتعًا ومليء بالتحدي خصوصًا ذوي المستويات المرتفعة (أنصح بمواجهتهم فور نشر الإعلان، كي يكون مستوى الوحش أعلى منك)، حيث تمنيّت مواجهات الزعماء الصِغار في القصة الأساسية بهذه الكفاءة والجودة. ميكانيكياتهم القتالية وهجماتهم ذكرتني كثيرًا بتصاميم زعماء FFXIV الممتعة، تنويع جيّد بالمهارات والأساليب. 

الأعداء والزعماء

أسلوب القتال الممتع والإدماني قابله تنويع شبه ضعيف للأعداء. الفصائل والمخلوقات متفاوتة المستوى في التصميم والتنويع، تواجه ذات الأعداء حتى تسأم منهم. كلما قدمت اللعبة صنف جديد، سوف تراه كثيرًا حتى تنفر من رؤيته في عالم اللعبة. ناهيك عن تصميم هجماتهم السطحية والسخيفة، يمكنك معرفة هجماتهم وكيفية قتالهم بسبب ضرباتهم المباشرة سهلة القراءة حتى وإن كان ظهورهم الأول أمامك. قدمت اللعبة تدريجيًا سَحَرَة يعالجون ويصنعون دروع سحرية حول الأعداء الآخرين لحمايتهم، ظهورهم محدود ولكن أضاف نكهة مميزة للقتال، تمنيّت تواجدهم بكثرة وبمزايا وخصائص أكثر تأثيرًا على القتال بالإضافة إلى صعوبة بتحدّي أفضل من المتواجدة في التختيمة الأولى كونها معدومة التحدّي. 

الزعماء الجانبيين أو الصِغار في المحتوى الأساسي والمنتشرين في عالم اللعبة والمغارات يغلبهم ذات طابع التكرار في ظهورهم وأحيانًا بأطوار مختلفة، ولكن النقطة الإيجابية هنا أن نسبة ليست ببسيطة منهم يحملون تحدّي لا بأس به وممتع أحيانًا. وبالنسبة للمعارك الأساسية في القصة أو الأخيرة من كل مغارة (غير مواجهات الـEikons) يحملون جودة أعلى وأفضل في القتال، مواجهات البشريين منهم مليئة بلحظات ملحمية وحماسية وقدرات جيّدة، وقتال الوحوش بالأخص ذوي الأحجام الضخمة يقدم نزالات ممتعة ومختلفة.

مواجهات الـEikons، الورقة الرابحة والرهان الأكبر للعبة كما هو واضح من القوّة التسويقية لهذه النزالات. وكبدايةً لكلامي وبالمختصر، نجحوا نجاحًا مبهرًا. عند مشاهدة كل عرض سينمائي سابق لجميع النزالات ضدهم، كنت مدركًا بأنني مقبل على معارك تليق بالمستوى القصصي الذي ركّز على بناء اسم عظيم وثقيل لكل Eikon. بصريًا شاهدت تحفة سينمائية مرئية بأنميشن وتأثيرات ساحرة للأعين، سمعيًا موسيقى ملحمية أضافت جرعة إثارة رائعة متناغمة مع هول المعركة ولحظاتها، أكشن غير مسبوق يضع اللاعب بأعلى درجات الحماس. كما أن المعارك اتسمت بتعدد المراحل (فيزات) بتجدد ممتع ينقلك من تجربة لأخرى بأفكار بين الجيّدة والعادية. وبالمجمل، قدّمت اللعبة مستوى مذهل في صناعة معارك خارقة مشبعة باللحظات الملحمية والغير قابلة للنسيان، ويُضرب بها المثل عند الحديث عن روعة الأكشن بمواجهة الزعماء والقتالات المثيرة. 

الموسيقى التصويرية

تولى زمام الأمور السيّد Masayoshi Soken، ملحني المفضل حيث سحرني بفنّه مع FFXIV خصوصًا بالسنوات الأخيرة من اللعبة. نقل تجربة القصة بأكمل وجه، ألبوم موسيقي جيّد المستوى رفع من وزن وحدّة العديد من المشاهد ولحظات اللعبة المفصلية. ألحان المناطق تتراوح بين الهادئة والسوداوية والحزينة، تُشعرك بالفعل بتعاسة العالم وحقيقته البشعة. معزوفات المغارات عادية وغير ملحوظة في غالب الأوقات، ولكن تضعك بعض الشيء في لحظات معينة وسط أجواء التوتر المطلوبة من الموقف. موسيقى قتالات الأعداء العاديين أو مواجهات العالم بالإضافة إلى زعماء اللعبة غير الـEikons أضافت طابعًا حماسيًا بسيطًا يحمّسك في بعض من مقطوعاته مع بروز قليلٍ منها بلحظات عظيمة دون الأخرى. ومن ناحية الـEikons، قدّم Soken موسيقى أوركيسترالية ملحمية ومتميّزة لكل ظهور أو قتال حيث جعلها ترتقي لعظمة الحدث ومستواه مع لحظات بالفعل لا تُنسى.

بالمجمل، مستوى وأداء موسيقي توافق مع جوانب اللعبة بشكل جيّد ومناسب مع الثيم العام بالإضافة إلى بعض من اللحظات الموسيقية الساحرة. نقطة إيجابية تُحسب للعبة فعلًا، ولكن لدي فضفضة بسيطة أود الكتابة عنها. توقعت معزوفات عظيمة المستوى ومقاربة لأحدث أعماله، ولكن للأسف حدّت القصة وقالبها من إبداع Soken في الخروج عن المألوف بألحان فوق الخيال كما فعل مع FFXIV طوال السنوات السابقة. بالإضافة إلى أن إعادة استخدام بعض المقطوعات وتكرارها بوَفرة، جعلها تفقد بريقها شيئًا فشيئًا حتى أصبحت خلفية أثناء اللعب لست مكترثًا لوجودها. أعيد كلامي مجددًا، قدّم Soken ألبوم موسيقي يستحق الإشادة ولكن كنت أتوقع أفضل من ذلك.  

شارك المقال وأمدحني

Ibrahim

الكاتب Ibrahim

قد تُعجبك هذه المشاركات

إرسال تعليق

0 تعليقات

8020110657669519505
https://bremustang.blogspot.com/