نجاح السلاسل المستمرة لعقود كان ولا زال موضع تساؤل يراودني بين الحين والأخرى، وخصوصًا متعددة الأجزاء التي تطوّرت عبر السنين وأُعجبتُ بأحدث إصداراتها. دائمًا يدفعني الفضول للتنقيب عن ماضي هذه السلاسل والعودة لجذورها الأساسية للعثور على سر توهّجها حتى بعد مضيّ كل هذه السنوات. خير مثالٍ مع سلسلة Final Fantasy، فبعد إعجابي بعناوينها الحديثة اعتزمت تجربة السلسلة كاملة من نقطة نشأتها. ولحسن الحظ، قدّمت شركة Square Enix حزمة محسّنة ممتازة نقلت التجربة البكسيلية لأول 6 أجزاء مرقّمة بمظهر جميل أتاح لنا فرصة خوض مغامرة ولادة السلسلة بشكل يليق باسمها العريق.
سأتحدث عن رأيي بكلّ جزءٍ من السلسلة بصفحات مختلفة، ولن أتطرق لأي مقارنة بالنسخ السابقة كونها تجربتي الأولى مع جميع الأجزاء. ولكن، أود التنويه بأن النسخة البكسيليّة المحسنة تقدّم خيارات مساعدة في جميع ألعابها من حيث زيادة نسبة الحصول على نقاط الخبرة والمال وغيرها، بالإضافة إلى خاصية إلغاء المواجهات العشوائية. وحرصت على ذكر هذه المعلومة لأنني قمت بتفعيلها والاستفادة من مزاياها، مما حسّن من تجربتي بشكل واضح بجعلها أكثر إتزانًا (من ناحية مستوى الشخصيات) مع تقليل شدة عيوبها (أبرزها المواجهات العشوائية).
الإمكانيّات سابقًا ليست قابلة لإنتاج عناوين كمعايير اليوم، والعودة لألعاب صدرت منذ أكثر من 30 عامًا قد يكون مزعجًا بعض الشيء عند الحديث عن ميكانيكيّات اللعب وتصميم المراحل وإلى آخره. ولذلك، سوف تكون هذه الملاحظة في الحسبان أثناء الكتابة عن أجزاء Final Fantasy الكلاسيكية. ولكن، بذات الوقت، سوف أضع بعين الإعتبار قابلية لعبها في وقتنا الحالي. والآن، لننطلق!
القصة
لم يتميّز الجزء الأول قصصيًّا، بل لم يُركّز على الجانب القصصي بالشكل المطلوب على أقلّ تقدير. تبدأ مهمتك منذ البداية مع رفاقك كمحاربين النور المنتظرين في النبوءة، ويتعيّن عليكم إنقاذ الأميرة ومن ثمّ الإنطلاق لرحلتكم التي تتطلب إنعاش واستعادة كريستالات الحياة الأربعة (الماء، النار، الأرض، والرياح). لم تحصل أحداث قصصيّة تُذكر طوال الرحلة، وكانت القصة عبارة عن بداية ونهاية تتخلخلها أحداث لا تكاد تُذكر. في حين أن محاربي النور لم يكن لهم أي دور فعلي قصصيًا بتاتًا، فقد وُجدوا لكي تلعب بهم فقط دون أي تعلّق فيهم وبشخصيّاتهم. لا ماضي لهم يدفعهم للتقدّم، لا حوارات تعلّقني بشخصيّاتهم، لا تصرّفات وشخصيات تميّزهم، ولا حتى أسماء أصلية تكوّن هويّتهم، مجرد أحجار شطرنج تحركها للوصول لنهاية القصة. قصّة Final Fantasy بجزئها الأول لم تكن إلا الحلقة الأضعف في هذه التجربة.
العالم والاستكشاف
وُجهاتك مجهولة في هذا العالم وسوف يلازمك الضياع بشكل مزعج بنسبة ليست ببسيطة، ولذلك يتعيّن عليك معرفة تفاصيل العالم والتحدث مع الشخصيات الغير قابلة للعب بشكل دوري. وشخصيًّا أُحبّ التجوّل في مثل هذه العوالم والذهاب للمناطق الآمنة والتحدث مع الشخصيات الغير قابلة للعب والتبضّع من المتاجر والحدّادين. كل قرية ومنطقة لها هويّتها وقصّتها، دفعني الفضول للتطفل في البيوت والمرور بجميع القُرى في طريقي، وجمال المناطق بمختلف التضاريس في الغابات والبِحار والصحاري والثلوج دفع رغبتي أكثر لمعرفة المزيد عن هذا العالم وما يُخفيه. حديث الشخصيات عن عالم اللعبة، وإرشادهم لي نحو وُجهاتي، وبعض الحوارات العشوائية المسليّة (على الرغم من أنها قصيرة) جعل من عالم فاينل فانتسي نابضًا بالحياة.
طوال الرحلة أنتابني شعور متعة التنزّه والاستمتاع بتفاصيل العالم وما يحتويه، ولكن عكّرت المواجهات العشوائية المزعجة نسبة كبيرة من متعة هذا الجانب. كما أن العالم ينقصه مهام جانبية متعلّقة بالقُرى وشخصيّاتها لتربط العالم سويًّا. بالفعل، توجد مهام أساسية تخص القليل من الشخصيات الغير قابلة للعب وكانت جميلة وقيّمة للعالم على الرغم من سطحيّة سردها، ولكن تمنيّت لو أن التركيز على المحتوى الجانبي والشخصيّات أفضل من ذلك.
أسلوب اللعب والأعداء
أسلوب لعب تبادل أدوار كلاسيكي في أبسط أشكاله، وهذا أمر طبيعي إعتبارًا للعام الذي صدرت به اللعبة. لن يتطور اللعب ويُصبح أفضل وأكثر تنويعًا مع التقدم، ويجب عليك شراء الضربات السحرية من المتاجر المخصصة بالسحر الأسود أو الأبيض لزيادة فعاليّة السحرة من ضمن طاقمك المكوّن من 4 شخصيات تختارهم في بداية اللعبة. كما أنه يجب عليك التسلّح بأفضل العتاد والعلاجات دائمًا لأنك ستواجه أطنان من الأعداء، شكرًا للمواجهات العشوائية المزعجة التي كانت مصدر مضايقة طوال فترة اللعب، حيث كانت أشدّ قلقًا أثناء التجوّل واستكشاف هذا العالم الممتع. وعلى الرغم من ذلك، كانت المواجهات العشوائية سهلة بالغالب مع الأعداء العاديين (بسبب المستوى المرتفع لشخصيّاتي من كثرة المواجهات العشوائية)، وبتحدّي ممتع مع الزعماء، باستثناء الأخير منهم والذي كان يتطلب تفريم مزعج جدًّا للتغلب عليه.
المغارات
تنوّع المغارات جيّد، كل واحدة منهم مختلفة عن الأخرى من ناحية التصاميم والأعداء والموسيقى بالإضافة إلى بعض العقبات. فعلى الرغم من مضيّ السنين، إلا أن نسبة التنوّع بينها يُشاد بها حتى مقارنةً مع عناوين اليوم. ولكن، هذا المديح لا يشمل الجودة، بعضهم كان مزعجًا في حين أن الغالبية الأخرى كانت عادية بسبب التصاميم المتشابهة للتقدم حيث يغلبها طابع صعود الطوابق حتى تصل لوُجهتك. وبالنسبة للعقبات لم تُقدّم أفكارًا تُذكر مع اختلاف طفيف بين الغارات من هذا الجانب. وبشكلٍ عام، كانت المغارات مسليّة وتفي بالغرض وتميل للكفّة الإيجابية.
الجانب الفنّي
رسوم بكسيلية جميلة بتفاصيل جيّدة للمناطق والمناظر الطبيعية وخلفيات المعارك وتصاميم الشخصيات والشياطين والأعداء، وعادية بعض الشيء بالنسبة لمظهر أغلب المغارات وهندستها المعمارية. وتميّزت كذلك الموسيقى التصويرية بألحان جميلة أعطت طابع خاص باللعبة ولعالمها في جميع الجوانب. بحيث أضافت جو هادئ وأكثر استكنانًا في المدن الآمنة، ومتعة أثناء المعارك واستكشاف المغارات والعالم. Nobuo Uematsu (ملحّن السلسلة) كان مبدعًا منذ بداية مشواره، وهذا الأمر المتوقع من شخص يضع بصمة مذهلة لكل عمل يتضمن اسمه.
0 تعليقات